إذا لم يرخص للأعمى بالتخلف، لن يرخص للمبصر بسبب الظلمة؛ فإن ظلمة العمى أشد.
• ويجاب بجوابين:
الأول: الحديث معلٌّ، وسبق تخريجه.
الثاني: أن الأعمى قد اعتاد الظلمة، وهي صفة لازمة لا ينفك عنها، وإذا خرج إلى المسجد قد يجد من الناس من يساعده، بخلاف من نزلت به الظلمة فجأة، فلم يعتد عليها، ويعذر المرء بالحال الطارئة، ما لا يعذر بالدائم، والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة كما ذكر ذلك الفقهاء.
الدليل الثاني:
لم ينقل عن النبي ﷺ أنه أَذِنَ لأحد بالتخلف عن صلاة العشاء والفجر، وهما يقعان في الظلام في عهده ﵊، بل كان النبي ﷺ يقول:(أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر). متفق عليه، وما كان ذلك إلا لوقوعهما في ظلمة الليل، فيضعف داعي الرياء في نفوس المنافقين مع حاجتهم إلى الراحة آخر النهار، وإلى النوم في آخر الليل، وما كان مسجد النبي ﷺ تسرج فيه المصابيح، والظلام في أول الشهر وفي آخره يكون في شدته حيث يختفي القمر، ولم يتخلف أحد عن الصلاة لشدة الظلام.
(ح-٢٩٨٦) فقد روى البخاري ومسلم من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني عروة ابن الزبير،
أن عائشة أخبرته، قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله ﷺ صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس (١).
وإذا كن لا يعرفن في وقت الانصراف، فما بالك بوقت الدخول في الصلاة،