للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-٩٩٢] اتفق الأئمة الأربعة على أن الريح في الليل عذر في التخلف عن الجماعة، أما في النهار فليست بعذر، وألحق بعض الشافعية صلاة الفجر بالليل؛ لوجود الظلمة فيها، فتكون شدة الريح عذرًا؛ ولأن المشقة فيها أشد من المغرب.

واختلفوا في اشتراط الشدة، والبرودة في الريح، كما اختلفوا في اشتراط الظلمة في الليل على النحو التالي:

فقيل: تسقط الجماعة بالريح العاصفة، وهي الشديد ليلًا، ولا تشترط الظلمة، وهو ظاهر مذهب المالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد (١).


(١) مختصر خليل (ص: ٤٦)، تحبير المختصر (١/ ٥٢٤)، التاج والإكليل (٢/ ٥٥٩)، جواهر الدرر (٢/ ٤٧٩)، مواهب الجليل (٢/ ١٤٨)، شرح الخرشي (٢/ ٩٢)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٩٠)، منح الجليل (١/ ٤٥٢)، لوامع الدرر (٢/ ٦٩٨)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٥١٦).
والمختار في مذهب الشافعية أن كلًا من الظلمة وحدها، والريح الشديدة وحدها عذر بالليل، والبرد الشديد عذر بالليل والنهار كما سيأتي بحث البرد في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.
جاء في التنبيه للشيرازي (ص: ٣٨): «والريح الباردة في الليلة المظلمة».
وقال النووي في شرح المهذب (٤/ ٢٠٤): «والريح الباردة عذر في الليل دون النهار».
لكن قال النووي في المنهاج (ص: ٣٨): «أو ريح عاصف بالليل».
قال في تحرير الفتاوى (١/ ٣٣٠): «والعاصفة هي الشديدة».
وفي الحاوي (٢/ ٣٠٤): «الريح الشديدة الباردة».
وقال في المهمات (٣/ ٢٩٨): «والظاهر: أن الريح الشديدة وحدها عذر بالليل، والتعبير بالباردة؛ لكونه الغالب».
وقال المحب الطَّبري نقلًا من تحرير الفتاوى (١/ ٣٣٠): «والمختار: أن كلًّا من الظلمة، والبرد، والريح الشديدة عذر بالليل … ».
قال الخطيب في مغني المحتاج (١/ ٤٧٤): «وهذا هو الظاهر».
وفي نهاية المحتاج (٢/ ١٥٥): «أو ريح عاصف: أي شديدة أو ريح باردة، أو ظلمة شديدة».
وانظر: تحفة المحتاج (٢/ ٢٧١).
فصار الأصح في مذهب الشافعية، وهو ما اعتمده المتأخرون أنه لا يشترط في الريح أن تكون باردة، بل يشترط أن تكون بالليل، ولا يشترط في الليلة أن تكون مظلمة.
وتعبيرهم بالليل يخرج صلاة الصبح؛ لأنها صلاة نهارية.
قال الأسنوي في المهمات: «والمتجه إلحاقها بالليل؛ لأن المشقة فيها أشد من المشقة في صلاة المغرب، ويدل عليه أيضًا ما سبق في صفة الصلاة في الجهر بقضائها».
فتحرر مذهب الشافعية أن الظلمة وحدها عذر، وسوف يأتي بحثها بشكل مستقل، ويشترط في الريح الشديدة أن تكون ليلية، ولا يشترط أن يكون معها ظلمة، والله أعلم.
وانظر رواية الإمام أحمد في: كتاب الفروع (٣/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>