للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

شرعًا حتى فرغ منه فقد سقط عنه التكليف بفعله.

قال ابن راشد المالكي: «فمن ادعى أن التكليف يرجع مرة أخرى بعد سقوطه لأجل الرفض فعليه الدليل» (١).

وهذا من أقوى الأدلة، والله أعلم.

وقال النووي: «لو نوى قطع الصلاة بعد السلام منها، فإنها لا تبطل بالإجماع» (٢).

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: «نَوَى قطع الصلاة بعد الفراغ منها، لم تبطل بالإجماع، وكذا سائر العبادات وفي الطهارة وجه لأن حكمها بَاقٍ بعد الفراغ» (٣).

وفي حكاية الإجماع نظر، ولكن حكاية الإجماع تدل على أنه قول عامة الفقهاء.

والمعروف في الشريعة أن الأعمال الصالحة لا تبطل إلا بأحد أمرين:

إبطال حقيقي: وذلك يكون بالردة عن الإسلام؛ لأن شرط الثواب كونه مسلمًا، وفي خروجه من الإسلام بالردة حبط عمله إن لم يرجع إلى الإسلام قبل موته.

والأمر الثاني: إبطال ثمرة هذه الأعمال وذلك يكون بارتكاب المعاصي حتى يأتي يوم القيامة، وقد شتم هذا، وسرق هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى تفنى، كما جاء في السنة الصحيحة.

وكذلك الأعمال القبيحة، لا يذهب تبعتها إلا بالتوبة، أو برد الحقوق، أو بعفو الله ، وأما رفض النية فلا يذهب تلك الأعمال.

قال القرافي في كتابه الفروق: «رفض النيات في العبادات كالصلاة والصوم والحج والطهارة ورفع هذه العبادات بعد وقوعها في جميع ذلك قولان، والمشهور في الحج، والوضوء عدم الرفع، وفي الصلاة والصوم صحة الرفض، وذلك كله من المشكلات، فإن النية وقعت، وكذلك العبادة، فكيف يصح رفع الواقع؟ وكيف


(١) انظر مواهب الجليل (١/ ٢٤١)، وابن راشد هذا غير ابن رشد، ولشهرة الثاني عند الباحثين يغلطون في اسميهما، فينسبون القول إلى ابن رشد، وليس كذلك.
(٢) المجموع (١/ ٣٣٦).
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>