للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المالكية والشافعية ليست واجبة، فهي عندهم إما سنة، وإما فرض كفاية، وترك مثل ذلك لا يبلغ التحريم، بل الكراهة.

الثاني: حديث أبي هريرة (أما هذا فقد عصى أبا القاسم) يحتمل أن يكون أبو هريرة قال هذا اجتهادًا منه؛ لجواز إحالة الإثم على ما ظهر له من القواعد، ويحتمل أن أبا هريرة يرى وجوب صلاة الجماعة، والصحابة مختلفون في هذه المسألة، فقال ذلك بناء على ما ترجح له في حكم الجماعة، وعليه يحمل قول أبي هريرة على من خرج بنية ترك صلاة الجماعة، ولذلك استثنى بعض العلماء من خرج بنية الرجوع، أو خرج لكونه إمامًا في مسجد آخر، فرتبوا التحريم لا على الخروج نفسه، ولكن على ما يترتب عليه.

الثالث: ذكر بعضهم أن المعصية قد تطلق ويراد بها الكراهة مجازًا لما بينهما من مطلق المخالفة للنهي كما ذكر بعض الأصوليين، وهذا كقوله : (من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني) (١)، مع أن ترك الرمي ونسيانه مكروه أو أنه محمول على نية ترك الجهاد. وفي إطلاق المعصية على المكروه بُعْدٌ.

الرابع: أن النبي قد هم بالخروج من المسجد بعد إقامة الصلاة وقبل أن يصلي كما في حديث أبي هريرة (والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال


(١) هذا الحديث رواه ابن ماجه (٢٨١٤) من طريق عثمان بن نعيم الرعيني، عن المغيرة بن نهيك، أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول: سمعت رسول الله يقول: من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني.
وعثمان بن نعيم الرعيني ضعيف.
وقد روى مسلم حديث عقبة (١٦٩ - ١٩١٩) من طريق عبد الرحمن بن شماسة: أن فقيمًا اللخمي قال لعقبة بن عامر: تختلف بين هذين الغرضين، وأنت كبير يشق عليك. قال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله لم أُعَانِهِ، قال الحارث: فقلت لابن شماسة: وما ذاك؟ قال: إنه قال: من علم الرمي ثم تركه فليس منا، أو قد عصى.
فشك في أي العبارتين، وأي العبارتين قال فهي دالة على التحريم.
وقوله: (لم أعانه): معَانَاة الشيء: مُقاساته وملابسته.

<<  <  ج: ص:  >  >>