للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجماعة قولًا واحدًا.

وإن كان نازلًا في مصرٍ ينادى به للصلاة، ولا يزال يصدق عليه أنه مسافر، فاختلفوا في وجوب الجماعة عليه:

فمن قال: إن الجماعة ليست فرض عين في الحضر، فهي ليست فرض عين في السفر من باب أولى، وعليه كثير من الحنفية، وهو المذهب عند المالكية والشافعية، ورواية عن أحمد، وسبق توثيق ذلك في حكم صلاة الجماعة.

ومن قال: إن الجماعة فرض عين في الحضر، كما هو قول كثير من الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة، فقد اختلفوا في وجوب الجماعة على المسافر، والخلاف في المسألة كالتالي:

قيل: لا تجب الجماعة على المسافر، وهو مذهب المالكية والشافعية وظاهر مذهب الحنفية (١).


(١) ظاهر مذهب الحنفية أن الجماعة لا تجب على المسافر؛ لأنهم لا يوجبون الجمعة على المسافر، ولو كان ماكثًا في مصر، وإذا لم يجب عليه السعي للجمعة لم يجب عليه السعي للجماعة من باب أولى.
جاء في مجمع الأنهر (١/ ١٦٩): «(وشرط وجوبها) أي الجمعة (ستة الإقامة بمصر) فلا تجب على المسافر، وإن عزم أن يمكث فيه يوم الجمعة، بخلاف القروي العازم فيه، فإنه كأهل المصر.
وجاء في البحر الرائق (٢/ ١٦٣): «وشرط وجوبها: الإقامة، والذكورة، والصحة، والحرية وسلامة العينين والرجلين، فلا تجب على مسافر، ولا على امرأة، ولا مريض، ولا عبد، ولا أعمى، ولا مقعد؛ لأن المسافر يحرج في الحضور، وكذا المريض والأعمى».
وجاء في المحيط البرهاني (٢/ ٦٣، ٦٤): «المعذور من المريض والمسافر والعبد إذا أدى الظهر في منزله ثم سعى إلى الجمعة انتقض الظهر، وقال زفر: لا ينتقض».
وقال في الفتاوى الهندية (١/ ١٤٩): «ويستحب للمريض والمسافر وأهل السجن تأخير الظهر إلى فراغ الإمام من الجمعة، وإن لم يؤخر يكره في الصحيح».
وقال في العناية (٢/ ٦٢): «سقوط فرض السعي عنهم لم يكن لمعنى في الصلاة بل للحرج والضرر، فإذا تحملوا التحقوا في الأداء بغيرهم، وصاروا كمسافر صام».
فتبين من هذه النصوص أن السعي إلى الجمعة لا يجب على المسافر، سائرًا كان أم نازلًا، وإذا لم يكلف السعي إلى الجمعة مع الإجماع على وجوبها في الحضر، لم يكلف في الصلوات الخمس من باب أولى.
ولم يختلف المالكية والشافعية أن الجماعة ليست فرض عين في الحضر، فالسفر من باب أولى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل (٢/ ٨١): «حكم صلاة الجماعة سنة، وهذا هو الذي عليه أكثر الشيوخ وكثيرهم يقول: سنة مؤكدة».
وقال خليل في المختصر: (ص: ٤٠): «الجماعة بفرض -غير جمعة- سنة».
وشهره في تحبير المختصر (ص: ١/ ٤٠٤)، قال: «المشهور كما قال: أن صلاة الجماعة سنة. وزاد ابن شاس: مؤكدة».
وقال المازري في شرح التلقين (٢/ ٧٠٤): «فالظاهر من مذهبنا، ومذهب الدهماء من العلماء: أنها سنة مؤكدة».
وجاء في منهج الطلاب (ص: ٢٠): «صلاة الجماعة فرض كفاية لرجال أحرار مقيمين لا عراة».
وقال الماوردي في الحاوي (٢/ ٢٩٧): «فأما الجماعة لسائر الصلوات المفروضات فلا يختلف مذهب الشافعي وسائر أصحابه أنها ليست فرضًا على الأعيان».
وإذا لم تكن فرض عين على المقيم لم تكن فرض عين على المسافر من باب أولى.
وانظر: تبيين الحقائق (١/ ٢٢١)، تحفة الفقهاء (١/ ١٦١)، المبسوط (٢/ ٢٢)، بدائع الصنائع (١/ ٢٥٨)، النهاية في شرح الهداية (٤/ ٦٤)، جامع الأمهات (ص: ١٠٧)، شرح التلقين (٢/ ٧٠٤)، مختصر ابن عرفة (١/ ٣١٠)، التاج والإكليل (٢/ ٣٩٥)، تحرير الفتاوى (١/ ٣٢٢)، المقدمة الحضرمية (ص: ٩٠)، أسنى المطالب (١/ ٢٠٩)، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (ص: ٦٩)، طرح التثريب (٢/ ٢٩٩)، نهاية المطلب (٢/ ٣٦٦)، عمدة السالك (ص: ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>