للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والإسلام والغنى عن الناس ونحوها» (١).

وقال ابن النجار الحنبلي: «واحترز بقوله: (عند تجدد نعم)، عن استمرارها؛ فإنه لا يسجد لذلك؛ لأنه لا ينقطع، فلو شرع السجود له لاستغرق عمره به» (٢).

لأن نعم الله على خلقه لا تنقطع، وهي أكثر من أن تحصى.

قال الله تعالى: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤].

وقال جل وعلا: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠].

فالنعم الدائمة لها شكر آخر غير السجود، فيؤدي شكرها بالقلب، واللسان والجوارح، أما القلب: فهو اعتقاده أن كل نعمة بالعبد أو على الأرض فمن الله سبحانه، هو المنعم بذلك تفضلًا منه، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣]، وهذا الاعتقاد واجب شرعًا، ومن كُفْرِ النعمة أن تضاف لغير الله، أو يرى أن هذه النعم مستحقة، أو جاءت بذكائه وفطنته.

قال تعالى: ﴿إ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٤٩].

وأما شكرها باللسان، فذلك بالإكثار من الثناء على الله بها، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١].

(ح-٢٧٦١) روى مسلم عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة، فيحمده عليها (٣).

وأما شكرها بالجوارح، فذلك بالعمل بها بما يرضي الله تعالى، والاستعانة بها على طاعة الله، قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: ١٣].

(ح-٢٧٦٢) وروى الشيخان من طريق عروة، عن عائشة، أن نبي الله كان


(١) تحرير الفتاوى (١/ ٣٠٩).
(٢) معونة أولي النهى (٢/ ٣٠٠).
(٣) صحيح مسلم (٢٧٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>