للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

لا نسلم أن سجود التلاوة يقطع القراءة، بدليل أنه إذا سجد ورفع قائمًا وأحب أن يقرأ كفته الاستعاذة الأولى؛ لأن قراءة الصلاة قراءة واحدة، فهذا دليل على أن سجود التلاوة لم يقطع القراءة، وأن قراءة الصلاة قراءة واحدة، فلو كانت قراءته بعد سجود التلاوة قراءة مستأنفة لاستحب له إعادة الاستعاذة.

الوجه الثاني:

لا يمكن الجزم بأن قراءة عمر بعد الرفع من السجدة كان سببه استحباب الترتيب بين القراءة والركوع، فقد يكون الحامل عليه من أجل تمكين كبير السن أو ثقيل البدن من اللحاق بالإمام من أجل تحقيق المتابعة، وهذا المعنى أقوى من القول بالاستحباب من أجل مراعاة الترتيب؛ لأن المصلي إذا رفع من سجدة التلاوة، ثم ركع قبل أن يقرأ فقد أوقع الركوع بعد قراءة الصلاة، سواء قرأ بعد السجدة أم لا، والمحذور أن يتقدم الركوع على القراءة، وهذا لم يقع.

وإذا رجحنا هذا المعنى كان هذا الاستحباب مقيدًا بالإمام دون المنفرد، وفي حالة ما إذا علم أن معه من كبار السن ممن يتأخر بالنهوض من السجدة؛ لضعفه، أو لكثرة لحمه، وربما هذا الذي يفسر أن النبي لم يحفظ عنه من سنته أنه فعل ذلك ولو مرة واحدة، ولو فعله لنقل كما نقل فعل عمر ، وليس الحديث أن تكون السجدة في وسط السورة، فيسجد، ثم يرفع ويكمل القراءة، فهذا الباعث عليه إكمال السورة، وإنما الشأن في قراءة السجدة إذا كانت في خاتمة السورة، فإذا رفع من السجدة انتقل إلى سورة أخرى كما فعل عمر ، وهذا الذي لم ينقل فعله عن النبي ، والله أعلم.

وقال الحنابلة: إذا سجد للتلاوة في الصلاة ثم قام، فإن شاء قرأ، ثم ركع، وإن شاء ركع من غير قراءة (١).


(١) الإنصاف (٢/ ١٩٩)، الإقناع (١/ ١٥٥)، غاية المنتهى (١/ ٢٠٤)، كشاف القناع ط
العدل (٣/ ١١٩)، مطالب أولي النهى (١/ ٥٨٨)، المغني (١/ ٤٤٨)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>