ولأنه إذا عاد للقراءة مع طول الفصل شرع له إعادة الاستعاذة باعتبارها قراءة مستأنفة فكذلك إذا أعاد آية السجدة مع طول الفصل سجد مرة أخرى؛ لانفصالها عن القراءة الأولى، والله أعلم.
وقال ابن نصر الله الحنبلي في الحواشي الكبرى على الفروع نقلًا من تصحيح الفروع:«يحتمل أن يقال: إن أعادها لحاجة، لتكرير الحفظ، أو الاعتبار، أو لاستنباط حكم منها، أو لتفهم معناها، ونحو ذلك لم يسجد، وإلا سجد لزوال المانع، ووجود المقتضي»(١).
وهذه الأسباب يجمعها أن إعادة الآية كان لغرض التعلم، فهي داخلة في تفصيل المالكية، ويقال: إن أعادها لهذه الأسباب مع قرب الفصل فهو متجه؛ لأن السبب واحد، والقراءة واحدة، وإن أعادها مع طول الفصل سجد؛ لأن القراءة الثانية مستأنفة، ولا عبرة بالباعث مع طول الفصل، سواء أعادها تعبدًا للتلاوة، أو أعادها من أجل الاعتبار، أو لاستنباط حكم، أو لتفهم الآية، أو لغيرها من الأسباب، والله أعلم.
• الراجح:
ليس في المسألة نص يمكن التحاكم إليه، وما ذكره الحنفية من نصوص، لا أصل له، وأقرب الأقوال أن إعادة آية السجدة إن كانت القراءة واحدة كفاه سجود واحد، وإن طال الفصل اعتبرنا إعادة الآية قراءة مستأنفة، فيشرع له إعادة السجود، ويجعل تعدد القراءة بمنزلة تعدد السبب، والله أعلم.
(١) تصحيح الفروع (٢/ ٣٠٨)، حاشية الروض (٢/ ٢٣٥)، وقد رجعت إلى حواشي ابن نصر الله على الفروع ولم أجد كلامه في المسألة، انظر: حواشي ابن نصر الله على الفروع، ط دار أسفار (١/ ٢٠٨).