للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن رجب في القواعد: «لو سمع سجدتين معًا، فهل يسجد سجدتين أم يكتفي بواحدة؟ المنصوص في رواية البرزاطي أنه يسجد سجدتين، ويتخرج أنه يكتفي بواحدة، وقد خرج الأصحاب بالاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة وجهًا فهنا أولى» (١).

• وجه هذا القول:

أن السبب وإن تعدد فالموجب واحد، فإذا لم يسجد للأول فيكفيه سجدة واحدة، ويتداخل السجود، كما لو تعددت أسباب الأحداث، كرجل نام، وبال، وخرجت منه ريح، فلا يلزمه إلا وضوء واحد، والله أعلم.

ومثله لو لبس المحرم ثوبه لبرد، فإذا زال نزعه، فإن لبسه لمرض، ولم يكفر، فإنه يكفر كفارة واحدة؛ لأن الموجب واحد، وإن تعدد السبب.

وقياسًا على قول الحنابلة: من لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد، فعليه كفارة واحدة (٢).

• ويناقش:

بأن الراجح أن الأيمان إذا تعددت وتعدد المحلوف عليه لا يجزئ كفارة واحدة، فإذا حلف لا يكلم فلانًا، ثم حلف لا يأكل طعامه، ثم حلف لا يدخل بيته كان عليه لكل يمين كفارة، وكون الموجب واحدًا فإنه لا يكفي للتداخل مع تعدد الأيمان، وتعدد المحلوف عليه، وهو مذهب الجمهور، ورواية عن أحمد، بخلاف ما إذا تعددت اليمين والمحلوف عليه واحد، أو العكس، كما لو كانت اليمين واحدة، والمحلوف عليه متعددًا، فيكفيه كفارة واحدة، فكذلك آية السجدة إذا قرأها ثم قرأ آية سجدةٍ أخرى، كان لكل قراءة سجدة مستقلة، إلا أنه لو لم يسجد عند السجدة الأولى، ثم استمر في القراءة حتى بلغ السجدة الثانية، وطال الفصل فإن السجدة الأولى تفوت على الصحيح، وهو مذهب من يشترط الفورية في سجدة التلاوة خلافًا لقول الحنفية، وسوف تأتينا هذه المسألة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.


(١) قواعد ابن رجب (ص: ٢٥)، وانظر الإنصاف (٢/ ١٩٦).
(٢) المحرر (٢/ ١٩٨)، الفروع (١٠/ ٤٥٥)، حاشية الروض (٧/ ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>