للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حديث زيد يحتمل أن النبي ترك السجدة نسخًا للحكم، ويحتمل أنه ترك ذلك لجواز الترك، كما فعل عمر حيث سجد مرة وترك أخرى، وقال: إن الله لم يوجب علينا السجود إلا أن نشاء، وسبق تخريجه، والأصل عدم النسخ، ولو كان الترك من قبيل النسخ لحفظ في النصوص ما يدل على رفع الحكم الأول صونًا للشريعة من اللبس، كما نقل ذلك في بعض أحكام الصلاة التي مر عليها تغيير، كالتطبيق، وموضع وقوف الإمام إذا كانوا ثلاثة وغيرها من الأحكام التي تغيرت، فلما لم ينقل مثل ذلك كانت دعوى النسخ مجرد دعوى، لا دليل عليها، فلا يستفاد من ترك السجدة في حديث زيد بن ثابت إلا أن السجود ليس واجبًا، فكان الفعل دليلًا على المشروعية، وكان الترك دليلًا على عدم الوجوب، وأما دعوى النسخ فهو من أضعف الأقوال، والله أعلم.

الجواب الثالث:

كون ابن عباس وابن عمر وأبي بن كعب لا يرون السجدة في المفصل فقد عارضهم قول عمر وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول أحدهما حجة على الآخر، فينظر أقرب القولين إلى الحق؛ لأن الصواب واحد، لا يتعدد على الصحيح، فلا يؤخذ بأحد القولين من غير دليل على صحته، والله أعلم.

الجواب الرابع:

لو فرض أن ترك السجدة في النجم منسوخ بحديث زيد، فما دليلكم على نسخ السجدة في الانشقاق والعلق، فهذا الاستدلال أعم من الدليل.

الدليل الرابع:

(ث-٦٩٠) روى أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا قرة، قال: حدثنا محمد بن سيرين،

قال: حدثنا أبو هريرة، قال: سجد أبو بكر وعمر في: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، ومن هو خير منهما.

[صحيح] (١).


(١) مسند أبي داود الطيالسي (٢٦٢١)، ومن طريقه رواه ابن مردويه في التفسير، في جزء عم من التفسير المسند له (٢١٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٤٤٨).
ورواه يحيى بن سعيد القطان كما في المجتبى من سنن النسائي (٩٦٥)، وفي الكبرى
(١٠٣٩)، وحديث أبي الفضل الزهري (٢٥١)، والحلية لأبي نعيم (٩/ ٤٧)، والتمهيد لابن عبد البر، ت بشار (١٢/ ٧٦).
والمعتمر بن سليمان، كما في المجتبى من سنن النسائي (٩٦٦)، وفي الكبرى (١٠٤٠)، وأبو عامر العقدي، كما في مسند أبي يعلى (٦٠٤٧)، وجزء عم من التفسير المسند لابن مردويه (٤٨٥٦)، والتمهيد لابن عبد البر، ت بشار (١٢/ ٧٢).
وعبد الرحمن بن مهدي، كما في معجم ابن المقرئ (١٣)، وحديث أبي الفضل الزهري (٢٥٢)، والحلية لأبي نعيم (٩/ ٤٧)،
وبكر بن بكار، كما في فضائل القرآن للمستغفري (١٣٦٢)، خمستهم رووه عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين به.
ورواه عبد الرزاق (٥٨٨٦)، وعنه أحمد (٢/ ٢٨١)، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن أبا هريرة يسجد فيها، قال أبو هريرة: ورأيت رسول الله يسجد فيها، يعني: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾.
ولم يذكر أبا بكر وعمر، ورواية معمر عن أهل البصرة فيها كلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>