للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحمد، وبه قال إسحاق» (١).

وظاهر قوله: (يجزئه) لا ينفي مشروعية التسليمة الثانية؛ لأنه عبر عن القدر المجزئ، وليس عن المشروع، وقد علمت أن التسليم ركن في المشهور من مذهب الحنابلة، فتكون الثانية إما مباحة أو مستحبة.

وقيل: يجب عليه تسليمتان، وهو رواية عن أحمد، وقال ابن وهب: يسلم منها كالصلاة، فيحتمل أنه أراد: يسلم تسليمتين كما في الصلاة فأراد من التشبيه العدد، ويحتمل أنه قصد به أنه يشرع التسليم كما يشرع في الصلاة (٢).

جاء في الإنصاف: «وعنه -عن الإمام أحمد- تجب الثنتان» (٣).

وهذا الخلاف تفريع عن القول الضعيف بأن التلاوة لها تسليم، ولهذا لن تجد أدلة مقنعة لقول ضعيف، فالقول الضعيف لا يستدل له إلا بما يشهد على ضعفه، والله أعلم، فتذكر هذا.

• دليل من قال: يشرع تسليمة واحدة:

هذا القول مبني على أن سجدة التلاوة صلاة، والصلاة لا يتحلل منها إلا بالتسليم، لعموم قوله: : (وتحليلها التسليم).

والخلاف في (أل) في قوله: (وتحليلها التسليم) هل أل للعهد، أم هي للجنس؟

فإن قلنا: للعهد، كان لابد من التسليمتين، لأنه المعهود من صلاة النبي ، والتلاوة قياسًا عليه.

وإن قلنا: إن (أل) للجنس، كفى تسليمة واحدة، بل يكفي قولك: (السلام عليكم) ولو لم تقل ورحمة الله وبركاته؛ لأنه يصدق على ذلك لفظ التسليم.

ولأن سجدة التلاوة صلاة لا تشهد فيها، فكان المشروع فيها تسليمة واحدة،


(١) الشرح الكبير (١/ ٧٩٠)، وانظر: كشاف القناع، ط العدل (٣/ ١٢٤).
(٢) جاء في المغني (١/ ٤٤٥): «وقال في المجرد، عن أبي بكر: إن فيه رواية أخرى؛ لا يجزئه إلا اثنتان». وانظر: الشرح الكبير (١/ ٧٩٠)، الفروع (٢/ ٣١١)،
وانظر قول ابن وهب في: حاشية العدوي على الخرشي (١/ ٣٤٩).
(٣) الإنصاف (٢/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>