فالصلاة هي أعظم زاد للسائرين إلى الله، تتجافى لها جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، لا تلهيهم عنها تجارة، ولا بيع، شغلتهم عن النوم، حتى كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون، وما فرضت الصلاة إلا من أجل ذكر الله، وبها يقرب العبد من مولاه، فما قرت عيون المتقين إلا بالصلاة، وما وجدت حلاوة الإيمان إلا بتعفير الجباه بالتراب.
(ح-٢٩٩) روى مسلم في صحيحه من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو ابن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن سمي مولى أبي بكر، أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث،
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ -قال: أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (١).
فإذا وضعت أعلى ما بك وألصقته بالتراب، وعفرت جبينك به كنت أقرب ما تكون من الله في عليائه، وناسب أن تتعرض لرحمته بذكر حاجاتك، الأخروية والدنيوية، لهذا قال: فأكثروا من الدعاء، فما أشد فقرنا إلى الله.
فمن أراد أن تَصحَّ نفسه، ويهجر قلقه، وينال المحبوب، ويدفع المرهوب، ويفرج المكروب، فعليه بالصلاة، ففيها عصمة من الفتن، وصبر على المحن، وتزكية للنفس، وطهارة من الدنس، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
يفتتح العبد صلاته بلفظ: الله أكبر وحذف المفضل عليه، ليشمل كل شيء، فهو أكبر من كل شيء ويستفتح قراءته بحمد الله، وبالثناء عليه، وتمجيده، الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. وبعد هذه المقدمة من الحمد