فإن غلب على ظنه أنه قد أداها على وجهها، فلا شيء عليه، إلا أن يطول تحريه وتفكره، فيسجد للسهو؛ لأن التفكر الطويل مما يؤخر الأركان عن موضعها، والقليل مما لا يمكن الاحتراز عنه، فجعل كأن لم يكن.
وإن غلب على ظنه أنه لم يأت به، أو لم يستطع التحري، بنى على اليقين، وكان حكمه حكم من تيقن الترك، وترك الركن يوجب تداركه، وطريقة تداركه عند الحنفية مبنية على حكم الترتيب بين الركن المتروك وبين الركن الذي قبله:
فالترتيب بين الأركان تارة يكون فرضًا بحيث تتوقف صحة الركن المؤدى على وقوعه مرتبًا مع الركن الذي قبله، وتارة لا يكون فرضًا، بحيث لو تخلف الترتيب لم يؤثر ذلك على صحة صلاته.
فإن كان الترتيب ليس بفرض، فإن شاء أتى بالركن في وقت تذكره، وإن شاء أخره إلى آخر الصلاة فيقضيه، كما لو نسي سجدة من ركعة.
وإن كان الترتيب فرضًا لزمه إعادته مرتبًا على ما قبله، كما لو نسي الركوع.
والترتيب يكون فرضًا عند الحنفية فيما شرع غير مكرر من أركان الصلاة، كالتحريمة، والقعدة الأخيرة، ومثله ما شرع غير مكرر في الركعة الواحدة كالقيام، والقراءة، والركوع، والسجود.
ويكون الترتيب واجبًا بين ما يتعدد في كل الصلاة كالركعات، أو يتعدد في كل ركعة كالترتيب بين السجدتين.
وقد فصلت مذهب الحنفية فيما إذا ترك ركنًا بالأمثلة في مسألة سابقة، وناقشت دليلهم فأغنى ذلك عن إعادته هنا، فارجع إليه غير مأمور.
• والراجح:
قول الجمهور، وأن الشك في ترك الركن كالشك في عدد الركعات، يبني على اليقين، وانظر أدلة هذه المسألة في المسألة السابقة، فقد ذكرت أدلتهم بالتفصيل، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، ولله الحمد.