للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فدل على أن الكلام عمدًا لإصلاح الصلاة غير مدفوع إذا تعين، ولم تغن الإشارة، والله أعلم.

ولو فرض أن ذا اليدين ربما اعتقد إباحة الكلام إذا كان لمصلحة الصلاة، فقد أقره النبي ، ولو كان فعله خطأ لبين النبي له ذلك؛ لأن المقام مقام بيان، ولا يجوز تأخيره عن الحاجة.

• دليل من قال: الكلام لإنقاذ معصوم لا يفسد الصلاة:

كل كلام كان واجبًا على المصلي فإنه لا يفسد صلاته قياسًا على جواز الكلام لمصلحة الصلاة، بجامع المصلحة، فالمصلحة هي التي أباحت الكلام في الصلاة، وقصر المصلحة على مصلحة الصلاة قيد غير معتبر، بل وقع اتفاقًا.

• ويناقش:

بأن الكلام جاءت النصوص قاطعة بتحريمه، وجاء حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين باستثناء الكلام إذا كان لإصلاح الصلاة، وتعذر إصلاحها بالتسبيح، فيبقى ما عداه على التحريم، ولو اعتبر مطلق المصلحة، لاعتبر ذلك في رد السلام، وهو كان واجبًا لولا مانع الصلاة، فلما كان المصلي لا يرد السلام على من سلم عليه دلَّ على أن المستثنى هو ما كان لإصلاح الصلاة، فمن اضطر إلى الكلام لإنقاذ معصوم، وجب عليه الكلام، واستأنف الصلاة، والله أعلم.

قال ابن عبد البر: «أجمع المسلمون على أن الكلام في الصلاة عمدًا إذا كان المصلي يعلم أنه في صلاة، ولم يكن ذلك في إصلاح صلاته تفسد صلاته، إلا الأوزاعي فإنه قال: من تكلم في صلاته لإحياء نفس، أو مثل ذلك من الأمور الجسام لم تفسد بذلك صلاته ومضى عليها ..... قال أبو عمر: لم يتابعه أحد على قوله هذا، وهو قول ضعيف ترده السنن والأصول» (١).

وقال ابن رشد: «وشذ الأوزاعي فقال: من تكلم في الصلاة لإحياء نفس، أو لأمر كبير، فإنه يبني» (٢).


(١) الاستذكار (١/ ٤٩٨).
(٢) بداية المجتهد (١/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>