اتفقوا على أنه لا يشرع تكرار الفاتحة، والأصل في العبادات المنع، والخلاف دائر بين التحريم والكراهة، فإذا فعله سهوًا استحب جبره بسجود السهو.
• ويناقش:
بأنه ذكر قولي لا ينافي الصلاة، ولا يُخِلُّ بهيئتها، فلا يشرع لفعله سجود السهو بخلاف الركن الفعلي.
ولأنه تكرار لما أصله مشروع، وهو القراءة، وفي موضع القيام وهو محل لها، وإذا كان لا يشرع سجود السهو لتكرار الآية من الفاتحة لم يشرع لتكرار الفاتحة، وكون العمل ليس مشروعًا لا يكفي جعله سببًا في سجود السهو، والله أعلم.
الدليل الثالث:
علل الشافعية موجب السجود بأن المصلي مأمور بالتحفظ، وإحضار الذهن حتى لا يتكلم، ولا يزيد في الصلاة ما ليس منها، وهذا الأمر مؤكد عليه تأكد التشهد الأول، فإذا غفل ونقل الذكر عن موضعه فقد ترك الأمر المؤكد، وغير شعار الصلاة، فيجبر بالسجود، كترك التشهد الأول والقنوت.
• ويناقش:
بأن السجود لترك التشهد دل النص والإجماع على اعتبار تركه سببًا في سجود السهو، وقد اجتمع فيه نقصان قولي وفعلي، حيث جمع بين ترك التشهد وترك القعود له، بخلاف ما إذا زاد ذكرًا قوليًّا مشروعًا في غير موضعه فليس فيه نقص، حيث الصلاة لم ينقصها شيء، لا من أقوالها، ولا من أفعالها، وما زاده فيها فهو مشروع فيها في الجملة، ولم تكن زيادته مبطلة للصلاة بالإجماع، ولم يُخِل بهيئة الصلاة، وتوصيف هذه الزيادة بأنه من باب ترك التحفظ المأمور به، فيه تكلف، ولو اعتبر ذلك لاعتبر ترك الخشوع من أسباب سجود السهو، فإنه مأمور به، وتركه ينقص من ثواب الصلاة، ومأمور بالتحفظ من تركه، ومع ذلك لم نؤمر بالسجود إذا غفلنا عن تحصيله، مع انعقاد الإجماع على مشروعيته في الصلاة، بل هو روح الصلاة، وأثنى الله على الخاشعين في صلاتهم، فقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾. [المؤمنون: ١، ٢].