للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل السادس:

أن القيام ركن، والتشهد إما سنة على الصحيح، وإما واجب على قول، فإذا تلبس بالركن لم يرفضه لما هو أقلُّ منه.

والدليل على أن التشهد سنة: سقوطه بالنسيان، كما دل على ذلك حديث ابن بحينة، وكل ما سقط بالنسيان لا يكون واجبًا قياسًا على سائر المسنونات، فلو كان التشهد واجبًا لرجع النبي إلى التشهد لإصلاح صلاته، فالقول بوجوبه مع تركه دليل على ضعف مأخذ الوجوب.

فإن قيل: لو كان مسنونًا فلماذا يجبر بسجود السهو؟ والسجود زيادة فعل في الصلاة، فلا يزاد فيها إلا إذا كان المقتضي واجبًا.

وقياسًا على جبر واجبات الحج بترك مأمور أو فعل محظور، فإن الحج لا يبطل، والجبر واجب في قول جمهور العلماء.

فالجواب: أن جبر التشهد الأول بالسجود جاء من السنة الفعلية، ولا أعلم دليلًا يأمر المصلي بسجود السهو إذا ترك التشهد الأول، وفعل النبي لا يدل على الوجوب.

وجمهور أهل العلم على مشروعية جبر السنن المؤكدة إذا سها عنها، خلافًا للحنفية، فلم يكن الجبران دليلًا على وجوب التشهد، وهذا سجود التلاوة سنة، وهو يزاد في الصلاة، فلم يكن فعله في الصلاة دليلًا على وجوب السجود.

ولا يصح القياس على واجبات الحج؛ لأكثر من وجه:

أحدها: أن أفعال الحج تنقسم إلى أركان وواجبات، وسنن، بالإجماع، بخلاف الصلاة، فالعلماء مختلفون في وجود قسم الواجب في أفعالها، فالمالكية والشافعية يذهبون إلى تقسيم أفعال الصلاة إلى فروض وسنن، ولا واجب فيها، وهو الصواب، خلافًا للحنفية والحنابلة، وقد سبق بحث هذه المسألة.

الثاني: اختلاف الموجب، فدم الجبران الذي سببه فعل محظور، أو ترك مأمور في واجبات الحج يشترط لوجوبه أن يكون متعمدًا على الصحيح، بخلاف الجبر في الصلاة، فموجبه السهو، ولا جبران للمتعمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>