(٢) اختلف العلماء في صحة نسبة هذا القول إلى هؤلاء على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن هذا القول لم يقل به أحد من علماء السلف إلا الزهري. وبهذا قال ابن المنذر، وابن العربي في القبس. القول الثاني: يرى أنه لم يثبت التصريح عن هؤلاء الأعلام بأن تكبيرة الإحرام سنة، أو أن الصلاة تنعقد بمجرد النية، وإنما الثابت عنهم القول بأن من أدرك الإمام راكعًا فإنه تجزئه تكبيرة الركوع عن تكبيرة الإحرام، إذا ترك تكبيرة الإحرام ساهيًا، وهذه مسألة أخرى لا تنافي القول بوجوب تكبيرة الإحرام، وتبحث ضمن مسألة تداخل العبادات، وهي مسألة خلافية. القول الثالث: يرى صحة نسبة القول بأن تكبيرة الإحرام سنة إلى جميع هؤلاء. قال القرطبي في تفسيره (١/ ١٧٥): «قال ابن شهاب الزهري وسعيد بن المسيب والأوزاعي وعبد الرحمن وطائفة: تكبيرة الإحرام ليست بواجبة». وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ٢٦٤): «روي عن الزهري وابن المسيب، والحسن، والحكم، والأوزاعي، وقتادة في أن التكبير للإحرام سنة، وأنه يجزئ الدخول في الصلاة بالنية». ونقل النووي كلام القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٩٦)، وقال: «ولا أظن هذا يصح عن هؤلاء الأعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة … ». ولا يلزم من تداخل تكبيرة الإحرام مع تكبيرة الركوع أن تكون تكبيرة الإحرام سنة؛ لأن طواف الوداع واجب في الحج على الصحيح، ويدخل مع طواف الإفاضة إذا أخره، وتدخل الطهارة من الحدث الأصغر بالطهارة من الحدث الأكبر، وإن كان الأصغر يشترط فيه الترتيب بخلاف الأكبر، وإن كان الراجح سقوط الأدنى بالأعلى، فيسقط التكبير للركوع اكتفاء بتكبيرة الإحرام، وليس العكس، والله أعلم. وانظر المجلد السابع من هذا الكتاب (ص: ٣١٤).