للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذلك لمصلحة الصلاة، ولو لم يسلم منها إذا احتاج إلى إفهام الإمام وتعذر ذلك بالتسبيح، وإما بشرط أن يكون قد سلم متوهمًا تمام صلاته.

ومنهم من لم يعتبر الكلام قاطعًا للموالاة مطلقًا ولو كان كثيرًا إذا كان يعتقد تمام صلاته.

وقد تكلمت في المجلد السابق عن حكم الكلام عامدًا لمصلحة الصلاة، فارجع إليه إن شئت.

إذا عرفنا ذلك نأتي إلى أقوال الفقهاء وحكمهم في الكلام إذا وقع سهوًا بعد أن سلم من صلاته يظن إتمامها، أيقطع الموالاة، أم لا؟

فقيل: إذا تكلم فات سجود السهو مطلقًا، وصحت صلاته، من غير فرق بين اليسير والكثير، وهذا مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد (١).

وقيل: الكلام لا يقطع الموالاة، وهو مذهب الحنابلة، ووجه في مقابل الأصح في مذهب الشافعية (٢).


(١) قال ابن نجيم في البحر الرائق (٢/ ٩٩): «كل ما يمنع البناء إذا وجد بعد السلام يسقط السهو».
جاء في بدائع الصنائع (١/ ١٥٧): «إذا سلم وهو ذاكر له، أو ساه عنه ومن نيته أن يسجد له أو لا يسجد حتى لا يسقط عنه في الأحوال كلها؛ لأن محله بعد السلام إلا إذا فعل فعلًا يمنعه من البناء بأن تكلم أو قهقه أو أحدث متعمدا أو خرج عن المسجد أو صرف وجهه عن القبلة وهو ذاكر له؛ لأنه فات محله».
وانظر: بدائع الصنائع (١/ ١٦٩)، فتح القدير (١/ ٤٩٨)، نور الإيضاح (ص: ٩٥)، المحيط البرهاني (١/ ٥٢١)، مراقي الفلاح (ص: ١٧٨، ١٧٩)، الفتاوى الهندية (١/ ١٢٥).
وانظر رواية أحمد: الإنصاف (٢/ ١٥٥)، المبدع (١/ ٤٧٣)، مسائل حرب الكرماني، ت الغامدي (٤٥٠).
(٢) يفرق الحنابلة بين البناء على أفعال الصلاة، وبين بناء سجود السهو على الصلاة.
فالمسألة الأولى: لو سلم قبل إتمام صلاته ساهيًا فالكلام يبطل البناء مطلقًا، قليلًا كان أو كثيرًا، وسواء كان لمصلحتها أم لا، وتكلمنا على هذه المسألة في المجلد الثاني عشر.
والمسألة الثانية: إذا سلم، وقد تمت صلاته، إلا أنه قد نسي سجود السهو، فالكلام ساهيًا لا يمنع من بناء سجود السهو على الصلاة. هذا ما يتعلق بمذهب الحنابلة.
وأما بيان الوجه المرجوح في مذهب الشافعية، فهو مبني على مسألتين:
الأول: أن محل السجود قبل السلام.
الثانية: إذا سجد، فهل سجوده يعني عودته إلى الصلاة، أو أنه يسجد مع الحكم بخروجه من الصلاة، في ذلك وجهان عند الشافعية،
أحدهما: لا يعود إلى حكم الصلاة؛ لأن التحلل قد حصل بالسلام، بدليل أنه لا يجب عليه إعادة السلام، ويتفرع عنه، أنه لو تكلم، أو أحدث لم يقطع البناء.
والثاني: أنه يعود إلى حكم الصلاة، وهو الأصح في المذهب؛ لأن السلام وقع سهوًا، فلا يتحلل به عن الصلاة، وكما لو سلم ناسيًا لركن، وتذكر عن قرب، فإن سلامه لا يتحلل به، فكذلك هنا، ويتفرع عنه أنه لو تكلم عامدًا، أو أحدث بطلت صلاته.
انظر: فتح العزيز (٤/ ١٨٢)، المهمات في شرح الروضة والرافعي (٣/ ٢٣٥)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٢٣٩)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٣٤)، الإقناع (١/ ١٤٣)، غاية المنتهى (١/ ١٩٠)، كشاف القناع (١/ ٤٠٩)، مطالب أولي النهى (١/ ٥٣٤)، الفروع (٢/ ٣٣٦)، شرح الزركشي (٢/ ٢٥)، المقنع (ص: ٥٦)، المحرر (١/ ٨٥)، المبدع (١/ ٤٧٣)، الشرح الكبير على المقنع (١/ ٧٠٤)، دليل الطالب (ص: ٤٠)، حاشية الروض المربع (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>