للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كان ذلك إشارة إلى أن سجود السهو ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجبًا وجابرًا للنقص لكان جزءًا من الصلاة، لا يستقل بنفسه.

• إذا صح توصيف السجود القبلي بأنه واجب فيها، والبعدي واجبًا لها، وكان ترك الثاني لا يبطل الصلاة كترك الأذان والإقامة على القول بوجوبهما، فإذا صح نقل القبلي إلى بعدي صار الجميع واجبًا لها، لا فيها، ولا تبطل الصلاة بتركه.

• الأصل في مشروعية السهو لترك السنن سجود النبي لترك التشهد الأول، وهو من السنن الفعلية.

• الفعل لا عموم له حتى يمكن تعدية الحكم إلى سائر السنن بخلاف القول.

• لا أعلم دليلًا يأمر المصلي بالسجود إذا ترك التشهد الأول حتى يكون هذا دليلًا على وجوب السجود أو وجوب التشهد الأول.

• التفريق بين سنة وأخرى بحيث يسجد لترك بعضها دون بعض إذا لم يكن قائمًا على نص أو إجماع في النفس منه شيء، ولهذا من يفرق بين السنن كالمالكية والشافعية لا يتفقون إلا على التشهد الأول، والباقي مفردات لهذا المذهب أو ذاك.

• كل سنن الصلاة مهمة وإن كان بعضها أكثر أهمية من بعض.

• جمهور الفقهاء على أن المصلي يسجد لترك السنن المؤكدة على خلاف في تحديدها، ولم يخالف في ذلك إلا الحنفية.

[م- ٨٤٣] بعد أن تكلمت في الباب السابق عن صفة سجود السهو، وبينت شروطه وفروضه وسننه ناسب بعد ذلك أن أتكلم عن حكمه؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد اختلف الفقهاء في حكم سجود السهو:

فقيل: واجب مطلقًا، سواء أكان عن نقص أم عن زيادة، وهو الصحيح من مذهب الحنفية، وبه قال الحنابلة وحكاه قولًا صاحب الطراز من المالكية، على خلاف بينهم في بطلان الصلاة بتركه، فالحنفية يرون الصلاة صحيحة، وعليه الإعادة جبرًا لما فات لا بدلًا عن الصلاة، وقال الحنابلة: الصلاة باطلة (١).


(١) قال في الهداية شرح البداية (١/ ٧٤): «ويلزمه السهو إذا زاد في صلاته فعلًا من جنسها ليس
منها، وهذا يدل على أن سجدة السهو واجبة هو الصحيح؛ لأنها تجب لجبر نقص تمكن في العبادة، فتكون واجبة كالدماء في الحج».
قال في فتح القدير (١/ ٥٠٢): قوله: هو الصحيح؛ احتراز عن قول القدوري: إنه سنة عند عامة أصحابنا».
وكذلك قال في تحفة الفقهاء (١/ ٢٠٩): «ذكر القدوري أنه سنة عند عامة أصحابنا».
وقال في حاشية ابن عابدين (٢/ ٧٧، ٧٨): «(قوله يجب له) أي للسهو الآتي بيانه في قوله بترك واجب سهوًا. وذكر في المحيط عن القدوري أنه سنة، وظاهر الرواية الوجوب، وصححه في الهداية وغيرها».
وقد نص القدوري في مختصره (ص: ٣٤) على وجوب سجود السهو، فقال: «سجود السهو واجب في الزيادة والنقصان بعد السلام»، وانظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٧٦).
وأشار إلى وجود خلاف في وجوب السهو بين الحنفية صاحب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١/ ٤٩٩). وانظر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ٧٣)، البحر الرائق (٢/ ٩٨)، مواهب الجليل (٢/ ١٤)، الإنصاف (٢/ ١٥٣)، الهداية للخطابي (ص: ٩٣)، غاية المنتهى (١/ ١٨٥)، كشاف القناع (١/ ٤٠٨)، الكافي (١/ ٢٨٢)، الإقناع (١/ ١٤٢)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٥٩)، الفروع وتصحيح الفروع (٢/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>