للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فكان أبو هريرة يعلم أن النبي لم يكن ليسكت في الصلاة لهذا سأله في سكوته ما يقول؟ لأن الصلاة إنما شرعت لإقامة ذكر الله، وإذا كان لا بد في سجود السهو من ذكر، ولم يأت بيانه بالنصوص حمل الذكر فيهما على ما كان يُفْعَل في نظيرهما في سجود الصلاة والجلسة بين السجدتين، وقد تكلمت في صفة الصلاة على ما يقال فيهما اتفاقًا وخلافًا.

وقوله: (ثم رفع ثم كبر فسجد) فيه الدلالة على مشروعية الفصل بين السجدتين في سجود السهو، ولم يذكر الجلسة، ولو اقتصر على ذكر الجلسة بين السجدتين لدخل فيه الرفع، وكأن المقصود هو السجدتان، وذكر الرفع ليتحقق الفصل بين السجدتين، فليس مقصودًا لنفسه، ولم يأت ذكر للجلوس بين السجدتين، وأحاديث السهو القولية لا تذكر إلا السجدتين، وأحاديث السهو الفعلية تذكر السجدتين والرفع، وتنقل تكرار التكبير للسجود، ثم تتفق على عدم ذكر الجلوس في خسمة أحاديث تنقل صورًا مختلفة من السهو، وما كان ربك نسيًا، كما أنه لم يأت في النصوص ما يقوله بعد الرفع من السجدة الأولى.

قال الأذرعي: «وسكتوا عن الذكر بينهما، والظاهر أنه كالذكر بين سجدتي صلب الصلاة» (١).

وقال في الإنصاف: «سجود السهو، وما يقوله فيه، وبعد الرفع منه، كسجود الصلاة، فلو خالف أعاده بنيته» (٢).

وقال في شرح منتهى الإرادات: «(وما يقال فيه) من تكبير، وتسبيح (و) ما يقال (بعد رفع) منه، كرب اغفر لي بين السجدتين (كسجود صلب)؛ لأنه مطلق في الأخبار، فلو كان غير المعروف لبينه» (٣).

والظاهر أن الجلسة بين السجدتين في سجدة السهو ليست مقصودة لذاتها، فهي أخف من الجلسة في الصلاة، وذلك لأن الجلسة بين السجدتين في الصلاة


(١) تحفة المحتاج (٢/ ١٩٩)، مغني المحتاج (١/ ٤٣٩)، نهاية المحتاج (٢/ ٨٩).
(٢) الإنصاف (٢/ ١٥٩).
(٣) شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٣٥)، وانظر: كشاف القناع (١/ ٤١٠)، طرح التثريب (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>