وإن قلنا بالاحتمال الثاني، وهو: أن النبي ﷺ لم يسلم في حديث أبي هريرة فإن هذا دليل على نفي وجوب التسليم، وليس نفيًا لمشروعيته، كيف وقد ثبت أن النبي ﷺ سلَّم بعد سجود السهو البعدي من حديث عمران ومن حديث ابن مسعود ﵄، فكان حديث أبي هريرة في كلا الاحتمالين لا ينفي استحباب التسليم، وإن كان ظاهرًا في نفي الوجوب، كما سيأتي التدليل على ذلك عند من قال باستحباب التسليم.
الدليل الثاني:
القياس على سجود التلاوة، بجامع أن كلًا منهما سجود مفرد، فلا يفتقر إلى تسليم.
• ويناقش:
هذا قياس في مقابل النص فهو قياس فاسد.
• دليل من قال: يستحب التسليم:
الدليل الأول:
(ح-٢٥١٣) رواه مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب،
عن عمران بن حصين، أن رسول الله ﷺ صلى العصر، فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له الخرباق، وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله، فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم (١).
وجه الاستدلال:
سلم النبي ﷺ بعد ما سلم وسجد سجود السهو، والفعل إذا وقع على وجه التعبد دل على الاستحباب.
الدليل الثاني:
(ح-٢٥١٤) استدلوا بما رواه البخاري ومسلم من طريق جرير، عن منصور،