وقليله في إبطال الصلاة، إلا أن يأتي نص من الشارع يدل على التفريق، وليس هناك ما يدل على التفريق بين القليل والكثير في الأكل والشرب في النصوص الشرعية، وإن حفظ الخلاف في الشرب فليس مرده إلى نص مرفوع، ولأن الاحتراز من الأكل والشرب في الصلاة ممكن، بخلاف الحركة الأجنبية في الصلاة فالقليل لا يمكن الاحتراز منه، بخلاف الحركة في الصلاة؛ ولهذا ورد في النصوص ما يدل على التفريق بين الكثير والقليل.
• دليل من قال: لا تبطل بقليل الأكل والشرب مطلقًا:
هذا القول لاحظ في الأكل والشرب أنه عمل في الصلاة ففرق بين القليل والكثير كسائر الأعمال، والفرق بينه وبين الصيام أن حقيقة الصيام هو الإمساك مع النية فإذا وجد الأكل المتعمد لم توجد حقيقة الصوم بخلاف الصلاة وأما الصلاة فهي موجودة مع يسير الأكل والشرب، وإنما أدخل فيها ما ليس منها، كسائر الأفعال الأجنبية في الصلاة، وقد فرقوا في العمل الأجنبي في الصلاة بين القليل والكثير، فكذلك ينبغي في الأكل والشرب.
ولأن اليسير في الشريعة عفو في الجملة، كالعفو عن يسير النجاسات، وعن الحركة القليلة، والمشي اليسير، والالتفات اليسير، وانكشاف اليسير من العورة.
ولأن الفعل الواحد الذي تجب فيه الموالاة إذا فصل بين أجزائه بوقت يسير يكون في حكم المتصل؛ ولهذا احتمل قليل الفصل بين أشواط الطواف وبين أشواط السعي، فكذلك لا يقطع موالاة الصلاة يسير الأكل والشرب فيها.
وليس هذا خاصًّا في العبادات فالغرر اليسير مجمع على جوازه، ويجوز الأكل من طعام الرجل إذا كان له كسبان حرام وحلال، ولم يتعين الحرام.
• ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن القليل عفو إذا كان لا يمكن الاحتراز منه، أو كان في الاحتراز منه مشقة كبيرة، فيعفي عنه دفعًا للحرج عن الناس، ولا يوجد ذلك في الاحتراز من الأكل والشرب في الصلاة، فلا حاجة إلى استثناء القليل من الأكل والشرب، ووقت