للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بعد ما مضى جزء من صلاته وبنى على ما صلى، والكلام في الصلاة من جنس المنهيات، بخلاف المأمورات فإنه حين رأى رجلًا في قدمه لمعة لم يصبها الماء، قال: (ارجع فأحسن وضوءك) (١).

وقال للمسيء صلاته كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه: (ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ).

والفرق بين المأمورات والمنهيات من حيث المعنى:

أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها؛ امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر بالجهل فيها.

ذلك أن فعل الناسي والجاهل يجعل وجوده كعدمه؛ لأنه معفو عنه، فإذا كان قد فعل محظورًا كان كأنه لم يفعله، فلا إثم عليه، ويصبح فعله العبادة كأنها خالية من فعل المحظور.

وإذا ترك واجبًا ناسيًا أو جاهلًا فلا إثم عليه بالترك، لكنه إذا صار في حكم من لم يفعله يبقى في عهدة الأمر حتى يفعله إذا كان الفعل ممكنًا، وبهذا يظهر الفرق بين الكلام في الصلاة ناسيًا وبين ترك الوضوء.

• الراجح:

أن المتكلم ناسيًا صلاته صحيحة، ولا يشرع لنسيانه سجود السهو، وسجود النبي في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين ليس بسبب الكلام، وإنما بسبب أنه سها في صلاته، فسلم قبل إتمامها، ولهذا لو سبح بالنبي ، فأتم صلاته دون أن يتكلم لكان عليه سجود السهو، والله أعلم.


(١) مسلم (٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>