فقوله: (من غير ضرورة) يريد إخراج ما لو اضطر لحركة كثيرة لإصلاح الصلاة، كما لو سبقه الحدث في أثناء الصلاة، فإن له أن يخرج منها، ليتوضأ، ويبني على صلاته، ولا تبطل صلاته بالمشي والوضوء، وإن كان عملًا كثيرًا منافيًا للصلاة؛ لأن هذا العمل قصد به إصلاح الصلاة. ومسألة البناء على الصلاة إذا سبقه الحدث مسألة خلافية، وللفقهاء فيها قولان: أحدهما: لا تبطل صلاته، ويتوضأ ويبني على صلاته. والثاني: تبطل، وهو الصحيح. وقد تكلمت عنها في كتابي موسوعة أحكام الطهارة. وقال السرخسي في المبسوط (١/ ١٩٤): «وإذا رمى طائرًا بحجر لم تفسد صلاته؛ لأن هذا عمل قليل، ولكنه مكروه؛ لأنه اشتغال بما ليس من أعمال الصلاة، ولم يذكر الكراهة في قتل الحية والعقرب؛ لأنه محتاج إلى ذلك لدفع أذاها عن نفسه، وليس في أذى الطير ما يحوجه إلى هذا لدفع أذاها عن نفسه فلهذا ذكر الكراهة فيه، وإن أخذ قوسًا ورمى به فسدت صلاته … وإنما فسدت صلاته؛ لأنه عمل كثير، فإن أَخْذَ القوس وتثقيف السهم عليه، والمد حتى رمى عمل كثير يحتاج فيه إلى استعمال اليدين، والناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة، فكان مفسدًا لهذا، وكذلك لو ادهن أو سرح رأسه، أو أرضعت المرأة صبيها». قال في المحيط البرهاني (١/ ٣٩٥): هذا إذا كان الحجر في يده، أما إذا أخذ الحجر من الأرض ورمى به طيرًا تفسد صلاته، ولكن هذا خلاف رواية الأصل فإن محمدًا ﵀ في الأصل، قال: وصلاته تامة، ولم يفصل بينهما إذا كان الحجر في يده، أو أخذه من الأرض. انظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (١/ ٢٧٢)، البحر الرائق (٢/ ١١، ١٢)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٢٤)، تبيين الحقائق (١/ ٢٣٣)، العناية شرح الهداية (١/ ٢٧٠، ٤٠٣)، فتح القدير (٢/ ١٠٠)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٦٢، ٨٩)، التنبيه على مشكلات الهداية (٢/ ٥٧٠)، المحيط البرهاني (١/ ٣٩١، ٣٩٤)، النهر الفائق (١/ ٢٧٣)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٤٥). (٢) مختصر القدوري (ص: ٤٦).