للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويعترض:

القول بأن اختلاف المكانين يقطع البناء، هذه دعوى في محل النزاع، فأين الدليل عليها من النصوص الشرعية، أو من أقوال الصحابة؟ والحنفية لم يطردوا: فإذا سبقه الحدث في الصلاة حقيقة، فله أن يخرج من المسجد، ويتوضأ، ويبني؛ لأنه لم يتعمد الحدث، وإذا ظن أنه أحدث فانصرف بقصد إصلاح صلاته، أو انصرف يظن إتمام صلاته اشترطوا للبناء عدم الخروج من المسجد؛ لأن الخروج قد لزم منه المشي بلا عذر، وكيف لا يعتبر السهو عذرًا؟ فإذا اغتفرنا له الانصراف من الصلاة للسهو، فليغتفر له الخروج من المسجد للعذر نفسه.

• وتعليل المالكية:

أن الخروج من المسجد إذا انضم إلى السلام من الصلاة بنية التحلل منها، كان ذلك إعراضًا عن الصلاة بالكلية، فيمتنع البناء (١).

• ويجاب:

كونه إعراضًا عن الصلاة فهذا مسلم؛ لأن سلامه وحده من الصلاة بنية التحلل، واستدباره للقبلة، وكلامه كله إعراض عن الصلاة؛ لاعتقاده تمام صلاته، ولو لم يخرج من المسجد، فإذا لم تعتبر هذه الأفعال مانعة من البناء؛ لوقوعها سهوًا، لم يعتبر الخروج وحده مانعًا للعلة نفسها.

ولأن المانع من البناء إن كان لمجرد الخروج، وليس المشي، حتى أنه لو كان قد صلى عند الباب، فخرج من المسجد بخطوة واحدة، امتنع البناء، فليكن العلة مفارقة موضع الصلاة، فليقيد الامتناع به، وليس المسجد، فالمساجد تتفاوت، منها الكبير كالجوامع العامة، ومنها الصغير، كمسجد الحي، فإذا فارق موضع سجوده امتنع البناء.

وإن كان المانع من البناء يعود للمشي، وأن المشي من الحركة الكثيرة، فليقيد الامتناع عن البناء به مطلقًا، سواء أكان داخل المسجد أم خارجه، فإذا لم يمنع من


(١) التوضيح لخليل (١/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>