للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهنا نقاش في تسمية مثل ذلك قطعًا، فالمصلي لم يَنْوِ القطع.

وأما إذا نوى القطع، وهو يعلم، فاختلف الفقهاء في أثر تلك النية على فساد الصلاة:

فقال الحنفية: «إن نوى قطع الصلاة لم تبطل، وكذا سائر العبادات، إلا إذا كبر في الصلاة بنية الدخول في أخرى، فالتكبير هو القاطع للأولى، لا مجرد النية» (١).

وعليه فهم يشترطون لإبطال الصلاة التلفظ بإبطالها، لا بمجرد النية.

وقال الجمهور: «إن نوى قطع الصلاة في أثناء العبادة بطلت، وبعد الفراغ منها لا تأثير لرفض النية» (٢).

وذهب بعض المالكية إلى إبطال بعض العبادات برفض النية ولو بعد الفراغ منها، ومنها الصلاة (٣).

فتحصَّل من الخلاف في إبطال الصلاة بقطع النية ثلاثة أقوال:

- لا تبطل مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية.

- تبطل مطلقًا، اختاره بعض المالكية.

- تبطل إن قطعها في أثناء العبادة، ولا تبطل بعد الفراغ منها، وهذا قول الجمهور.

قال الدردير: «وبطلت الصلاة برفضها: أي بنية إبطالها، وإلغاء ما فعله منها».


(١) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (١/ ٤٤١)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٤٣)، غمز عيون البصائر (١/ ١٧٩).
(٢) التلقين في الفقه المالكي (١/ ٤٨)، شرح التلقين للمازري (١/ ٦٤٩)، طرح التثريب (٢/ ١٧)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٨).
(٣) انظر: الفروق للقرافي (٢/ ٢٧، ٢٨).
وقال الحطاب في مواهب الجليل (١/ ٢٤١): «وأما الصلاة والصوم فظاهر كلام غير واحد أن الخلاف جارٍ فيهما، سواء أوقع الرفض في أثنائهما، أم بعد كمالهما».
وجاء في تهذيب الفروق (١/ ٢٠٣): «ولا خلاف في رفض ما عدا الحج والعمرة والوضوء والتيمم والاعتكاف في الأثناء.
ولا في عدم رفض الحج والعمرة مطلقًا.
ولا في عدم رفض الغسل بعد الفراغ.
وإنما الخلاف في رفض الوضوء، والتيمم، والصلاة، والصوم، والاعتكاف، والطواف والسعي بعد الفراغ، وفي رفض الوضوء والتيمم والاعتكاف في الأثناء».
فبين مواضع الاتفاق والخلاف عند المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>