للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واستثنى محمد الحطاب المالكي من الكراهة: لو بدأ بسورة الناس فإنه يقرأ السورة التي قبلها أولى من تكرار السورة.

وقيل: لا يكره التنكيس، ويستحب الترتيب.

وهو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد، ورجحه ابن تيمية، ولا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه.

قال ابن تيمية: «يجوز قراءة هذه قبل هذه، وكذا في الكتابة، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب اتباعها» (١).

فقوله: (يجب اتباعها) أي يشرع لقوله قبل: يجوز قراءة هذه قبل هذه.

وقيل: يكره تنكيس السور إذا كانت السورة الأولى متعلقة بالسورة الثانية، كما يقال: إن سورة قريش متعلقة بسورة الفيل، وهو قول لبعض الحنابلة (٢).

فصارت الأقوال الأربعة ترجع إلى قولين:

الكراهة، وهي على قولين: إما كراهته مطلقًا، أو كراهته في الفرض.

والجواز، وهو على قولين أيضًا: إما جوازه مطلقًا، أو جوازه في النفل خاصة،


(١) الفروع (٢/ ١٨٢)، تفسير الفاتحة لابن رجب (ص: ٢٢)، الإقناع (١/ ١١٩)، المستدرك على مجموع الفتاوى لابن قاسم (٣/ ٨٢).
(٢) وجه ارتباط سورة قريش بسورة الفيل على أحد الأقوال، قال ابن كثير في تفسيره (٨/ ٤٩١): «هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام، كتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها. كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأن المعنى عندهما: حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين». اه فالله جعلهم كعصف مأكول لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف.
وقال العز بن عبد السلام في تفسيره (٣/ ٤٩١): كان عُمَرُ وأُبَيٌّ يريانهما سورة واحدة لا يفصلان بينهما. اه
وقال ابن حجر في الفتح عن اللام في لإيلاف (٨/ ٧٣٠): «قيل: اللام متعلقة بالقصة التي في السورة التي قبلها، ويؤيده أنهما في مصحف أبي بن كعب سورة واحدة … ».
وانظر: الفروع لابن مفلح (٢/ ١٨٣)، المبدع (١/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>