للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فصارت الأقوال إلى ثلاثة:

الأول: كراهة تعري العاتقين في الصلاة، وهو مذهب الحنفية.

الثاني: استحباب سترهما، ولا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه، وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن أحمد، على اختلاف بينهم أيستحب ذلك مطلقًا في الصلاة، أم يستحب لمن صلى في جماعة.

والثالث: القول بالوجوب على التفصيل الذي سبق لك ذكره عند الكلام على مذهب الحنابلة.

ومستند الحنفية على الكراهة: ورود النهي الصريح في حديث متفق عليه.

(ح-٢٢٧٨) فقد روى الشيخان من طريق أبى الزناد، عن الأعرج،

عن أبى هريرة؛ أن رسول الله قال: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقيه منه شيء (١).

وكان مقتضى قواعد أصول الحنفية أن النهي إذا ورد صريحًا، وكان الحديث ظني الثبوت، فإن الكراهة تحريمية، ولكن لعل ما حملهم على صرف النهي إلى الكراهة ثبوت صحة الصلاة في الإزار وحده؛ لقوله : (أولكلكم ثوبان)

ولثبوت صلاة النبي متزرًا كما أخذ ذلك من صلاته في مرط عائشة بينها وبينها والحديث في مسلم.

ولا أعلم لماذا لم يذهب المالكية والشافعية إلى القول بالكراهة مع ثبوت النهي عن النبي .

وأما الحنابلة فحملوه على أن ستر العاتق فرض، وهو من المفردات.

والحمل على الكراهة هو الصحيح إلا أنه مقيد بما إذا صلى في ثوب واحد، وليس مطلقًا، فليس المقصود من النهي تحصيل ستر العاتق، فلم يرد الحديث بلفظ الستر، وإنما أمرنا بوضع طرفي الثوب على العاتقين إذا صلينا في الثوب الواحد من


(١) صحيح البخاري (٣٥٩)، وصحيح مسلم (٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>