ولأن مراعاة الدين والعقل أولى من مراعاة الصوت؛ لأن ضرر فقد الدين والعقل أشد حيث يتعدى ذلك إلى جماعة المصلين، وجيران المسجد.
وهاتان الصفتان هما ركنا كل عمل: القوة والأمانة: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين﴾ [القصص: ٢٦].
فبلال وعبد الله بن زيد ﵄ قد توفرت فيهما الأمانة، وفاق بلال أخاه عبد الله بجانب القوة (أندى صوتًا)، وهو ما جعله يُقَدَّم على عبد الله بن زيد.
فصارت المسألة ترجع إلى قولين: أحدهما يقدم الأصلح في دينه، والآخر يقدم الأفضل فيه.
قال شيخنا ابن عثيمين:«الصحيح حسب ما يقتضيه العمل، فبعض الأعمال تكون مراعاة الأمانة فيه أولى، وبعضها تكون مراعاة القوة أولى، فمثلًا القوة في الإمارة قد تكون أولى بالمراعاة، والأمانة في القضاء قد تكون أولى بالمراعاة»(١).
وفي الأذان أرى أن الأولى بالمراعاة هي الصفات المعتبرة في الأذان، من جهة الصوت، والسلامة من اللحن، والعلم بالوقت، فإن هذا يستفيد منه الناس أكثر من مؤذن قد يكون أكثر صلاحًا، ولكنه ذو صوت غليظ ينفر الناس من صوته، وقد لا يسلم من لحن ونحوه، وقد لا يكون عالمًا بالوقت بنفسه. والله أعلم.