(٢) المسند (٥/ ٤٢٤). (٣) روى الحديث عن أبي حميد الساعدي كل من محمد بن عطاء، وعباس بن سهل، أما رواية محمد بن عطاء، فرواها عنه اثنان: أحدهما: محمد بن عمرو بن حلحلة، وليس فيها ذكر جلسة الاستراحة. والثاني: عبد الحميد بن جعفر، وقد زاد فيه (جلسة الاستراحة)، وعبد الحميد بن جعفر أحسن أحواله أن يكون صدوقًا يخطئ، أتكون زيادته من زيادة الثقة، أم تكون زيادته شاذة، لعلتين: التفرد، والمخالفة؟. أما التفرد؛ فلأنه لم يتابعه أحد على ذكر هذا الحرف من حديث أبي حميد. وأما المخالفة فقد شاركه بالرواية عن شيخه محمد بن عمرو بن حلحلة، وهو أوثق منه، وروى الحديث بتمامه، ولم يذكر هذا الحرف، وأخرج البخاري رواية محمد بن عمرو بن حلحلة، ولم يخرج رواية عبد الحميد بن جعفر؛ لأن عبد الحميد ليس على شرطه، وترك تخريجه الإمام مسلم مع كونه على شرطه، وقد روى مسلم لعبد الحميد بن جعفر ما يقارب عشرين حديثًا، بعضها في الشواهد والمتابعات، وترك تخريج هذا الحديث. وأما رواية عباس بن سهل، عن أبي حميد الساعدي، فرواها عنه اثنان أيضًا: فليح بن سليمان صدوق، كثير الخطأ، ومحمد بن إسحاق، ولم يذكرا عن عباس بن سهل في روايتهما جلسة الاستراحة. وليس عبد الحميد بن جعفر ممن تحتمل له المخالفة والتفرد، ولعل من صحح الحديث من الأئمة أراد بذلك في الجملة أي فيما توبع عليه عبد الحميد بن جعفر دون ما تفرد به مخالفًا لغيره، والله أعلم، فليس النزاع في صحة حديث أبي حميد الساعدي، وقد رواه البخاري في صحيحه، وإنما الاجتهاد في النظر فيما زاده عبد الحميد دون غيره، مخالفًا لرواية صحيح البخاري، ومخالفًا لكل من رواه، فالبحث في الحديث لا يُطوَّع للفقه، وإنما الفقه تابع وثمرة للبحث الحديثي، وقد سبق تخريج الحديث في أكثر من مناسبة، انظر ح (١١٨٥، ١٦٣١). وقد قال الإمام أحمد بن حنبل كما في فتح الباري لابن رجب (٧/ ٢٨٢) في حديث مالك بن الحويرث .. «وهو صحيح، إسناده صحيح، وقال أيضًا: ليس لهذا الحديث ثانٍ». وهذه العبارة تشعرك بأمرين: أولًا: أن حديث مالك بن الحويرث حديث غريب، وتضعيف كل ما روي في جلسة الاستراحة من غير حديث مالك بن الحويرث، والإمام أحمد من أهل الاستقراء، فإذا نفى وجود حديث آخر في جلسة الاستراحة فهو ذهاب منه إلى تضعيف كل ما ورد فيها عدا حديث مالك بن الحويرث، والله أعلم.