للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دليل من قال باستحباب جلسة الاستراحة:

الدليل الأول:

(ح-١٩٢٤) ما رواه البخاري من طريق هشيم، قال: أخبرنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، قال:

أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي، أنه رأى النبي يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا (١).

الدليل الثاني:

(ح-١٩٢٥) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عطاء،

عن أبي حميد الساعدي، قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي أحدهم أبو قتادة بن رِبْعِيٍّ، يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله قالوا له: ما كنت أقدمنا صحبة، ولا أكثرنا له تَبَاعَةً، قال: بلى. قالوا: فَاعْرِضْ. قال: كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى حاذى بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر … وذكر حديثًا طويلًا في صفة صلاة النبي وفيه: ثم هوى ساجدًا، وقال: الله أكبر، ثم ثنى رجله، وقعد عليها، حتى يرجع كل عضو إلى موضعه، ثم نهض، فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك … (٢).

[الحديث صحيح في الجملة وزيادة جلسة الاستراحة شاذة من حديث عبد الحميد بن جعفر] (٣).


(١) صحيح البخاري (٨٢٣).
(٢) المسند (٥/ ٤٢٤).
(٣) روى الحديث عن أبي حميد الساعدي كل من محمد بن عطاء، وعباس بن سهل،
أما رواية محمد بن عطاء، فرواها عنه اثنان:
أحدهما: محمد بن عمرو بن حلحلة، وليس فيها ذكر جلسة الاستراحة.
والثاني: عبد الحميد بن جعفر، وقد زاد فيه (جلسة الاستراحة)، وعبد الحميد بن جعفر أحسن أحواله أن يكون صدوقًا يخطئ، أتكون زيادته من زيادة الثقة، أم تكون زيادته شاذة،
لعلتين: التفرد، والمخالفة؟.
أما التفرد؛ فلأنه لم يتابعه أحد على ذكر هذا الحرف من حديث أبي حميد.
وأما المخالفة فقد شاركه بالرواية عن شيخه محمد بن عمرو بن حلحلة، وهو أوثق منه، وروى الحديث بتمامه، ولم يذكر هذا الحرف، وأخرج البخاري رواية محمد بن عمرو بن حلحلة، ولم يخرج رواية عبد الحميد بن جعفر؛ لأن عبد الحميد ليس على شرطه، وترك تخريجه الإمام مسلم مع كونه على شرطه، وقد روى مسلم لعبد الحميد بن جعفر ما يقارب عشرين حديثًا، بعضها في الشواهد والمتابعات، وترك تخريج هذا الحديث.
وأما رواية عباس بن سهل، عن أبي حميد الساعدي، فرواها عنه اثنان أيضًا:
فليح بن سليمان صدوق، كثير الخطأ، ومحمد بن إسحاق، ولم يذكرا عن عباس بن سهل في روايتهما جلسة الاستراحة.
وليس عبد الحميد بن جعفر ممن تحتمل له المخالفة والتفرد، ولعل من صحح الحديث من الأئمة أراد بذلك في الجملة أي فيما توبع عليه عبد الحميد بن جعفر دون ما تفرد به مخالفًا لغيره، والله أعلم، فليس النزاع في صحة حديث أبي حميد الساعدي، وقد رواه البخاري في صحيحه، وإنما الاجتهاد في النظر فيما زاده عبد الحميد دون غيره، مخالفًا لرواية صحيح البخاري، ومخالفًا لكل من رواه، فالبحث في الحديث لا يُطوَّع للفقه، وإنما الفقه تابع وثمرة للبحث الحديثي، وقد سبق تخريج الحديث في أكثر من مناسبة، انظر ح (١١٨٥، ١٦٣١).
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل كما في فتح الباري لابن رجب (٧/ ٢٨٢) في حديث مالك بن الحويرث .. «وهو صحيح، إسناده صحيح، وقال أيضًا: ليس لهذا الحديث ثانٍ».
وهذه العبارة تشعرك بأمرين: أولًا: أن حديث مالك بن الحويرث حديث غريب، وتضعيف كل ما روي في جلسة الاستراحة من غير حديث مالك بن الحويرث، والإمام أحمد من أهل الاستقراء، فإذا نفى وجود حديث آخر في جلسة الاستراحة فهو ذهاب منه إلى تضعيف كل ما ورد فيها عدا حديث مالك بن الحويرث، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>