للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن قدامة في المغني: «ويستحب أن يكون المؤذن بصيرًا؛ لأن الأعمى لا يعرف الوقت، فربما غلط، فإن أذن الأعمى صح أذانه، فإن ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبي ..... ويستحب أن يكون معه بصير يُعَرِّفُه الوقت، أو يؤذن بعد مؤذن بصير، كما كان ابن أم مكتوم يؤذن بعد أذان بلال» (١).

واختار بعض المالكية جواز أذان الأعمى إن قَلَّد ثقة، أو كان أذانه تبعًا لغيره، وهذه العبارة تُشْعِرُ بالاشتراط (٢).

جاء في الشرح الكبير للدردير: «وجاز أعمى أي أذانه إن كان تبعًا لغيره فيه، أو قلد في دخول الوقت ثقة» (٣).

وكره الشافعية أن يكون الأعمى مؤذنًا وحده، فإن كان معه بصير لم يكره (٤).

وترجم البخاري في صحيحه: باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره.

فتلخص الكلام في أذان الأعمى إلى ثلاثة أقوال:

الجواز بلا كراهة مطلقًا.

الكراهة إن لم يكن معه بصير يخبره؛ لأنه ربما غلط فيه، أو يفوت على الناس أول الوقت.

اشتراط الإبصار، إن كان يعتمد قوله في دخول الوقت، فإن كان تبعًا لغيره جاز مطلقًا.

وعمدة المسألة، صحة أذان ابن أم مكتوم، وهو أعمى، ولأن قول الأعمى في الأمور الشرعية مقبول، فيحصل به الإعلام.

والذين كرهوا أن يكون الأعمى مؤذنًا وحده، أو قالوا يشترط أن يكون معه أحد يخبره، قالوا: إن ابن أم مكتوم كان لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت، فلم يكن يعتمد على نفسه في دخول الوقت.


(١) المغني (١/ ٢٤٨)، وانظر الكافي (١/ ١٣١).
(٢) الذخيرة للقرافي (٢/ ٦٥)، مواهب الجليل (١/ ٤٥١)، منح الجليل (١/ ٢٠٣)، الخرشي (١/ ٢٣٤).
(٣) الشرح الكبير للدردير (١/ ١٩٧ - ١٩٨).
(٤) الأم (١/ ٨٤)، الحاوي الكبير (٢/ ٥٦)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>