أرى أن القولين لا يركنان إلى سنة حاسمة، فحديث (استأخر عني غير بعيد) ليس صريحًا بأن موضع الإقامة غير موضع الأذان، وعلى صحة الحديث قد يشير إلى وجود فاصل بين الإقامة والأذان.
ويبقى النظر في التعليل، فالجمهور أقوى من حيث التعليل؛ حيث إن مصلحة الإقامة في المسجد تحقق اتصال الإقامة بالصلاة، خاصة أن الإقامة هي من أجل إعلان إقامة الصلاة، فإذا أقام في موضع أذانه أدى ذلك إما إلى تأخر الدخول في الصلاة من أجل انتظار لحاق المؤذن، وهذا مخالف للمقصود من الإقامة، أو الدخول بالصلاة دون انتظار المؤذن، وهذا يؤدي إلى حرمانه من جزء من الصلاة، وأما دليل الحنابلة من حديث لا تسبقني بآمين فهو حديث ضعيف، لا يصلح للاحتجاج، ومع وجود مكبرات الصوت اليوم يستطيع الإنسان أن يأخذ بقول الحنابلة، ولا يخالف قول الجمهور، ذلك أنه يقيم بالمسجد، ومكبرات الصوت تقوم بإبلاغ صوته، فصدق عليه أنه أقام في موضع أذانه، والله أعلم.