عليه، والأمر بقراءة ما تيسر، يتوجه الاستحباب إلى ما تحصل به سنة القراءة، وأقله آية وأعلاه سورة كاملة كما كان ذلك غالب قراءة النبي ﷺ في صلاة الفريضة، وما زاد على السورة فهو زائد على مقدار سنة القراءة، فيحمل على الإباحة، خاصة إذا ضُمَّ هذا الدليل إلى بقية الأدلة الأخرى فإنها تدل بمجموعها على أن قراءة السورتين لا تبلغ الاستحباب حيث لم يفعلها النبي ﷺ بالفريضة، ولا توصف بالكراهة، وقد فعلها النبي ﷺ بالنوافل، كما أن القيام في الصلاة مقدار منه ركن في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وما زاد عليه فهو على الاستحباب، فكذلك القراءة مقدار منه مستحب، وما زاد عليه فهو على الإباحة.
الدليل الثاني:
(ح-١٤٩٦) روى البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو، عن ابن أبي هلال، أن أبا الرجال: محمد بن عبد الرحمن، حدثه، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حجر عائشة زوج النبي ﷺ،
عن عائشة: أن النبي ﷺ بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي ﷺ: أخبروه أن الله يحبه (١).
(ح-١٤٩٧) وروى البخاري معلقًا، قال: قال عبيد الله: عن ثابت،
عن أنس بن مالك ﵁، كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح: بقل هو الله أحد، حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها، وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي ﷺ أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن