للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإنما كانت العبرة للأكثر عند الحنفية؛ لأن الثواب أكثر، فله في كل حرف يقرؤه عشر حسنات.

ويجاب: بأن إصابة السنة أولى من الكثرة، فإن الله أخبر في كتابه، فقال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢]. ولم يقل: أكثركم عملًا.

• وقد استدل الجمهور على إصابة السنة:

(ح-١٤٨٣) بما رواه البخاري من طريق شيبان، عن يحيى (يعني ابن أبي كثير)، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: كان النبي يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب، وسورتين يطول في الأولى، ويقصر في الثانية ويسمع الآية أحيانًا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى، وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية.

ورواه مسلم من طريق الحجاج يعني الصواف، عن يحيى ابن أبي كثير به (١).

قال النووي: «فيه دليل لما قاله أصحابنا وغيرهم: إن قراءة سورة قصيرة بكمالها أفضل من قراءة قدرها من طويلة؛ لأن المستحب للقارئ أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط، ويقف عند انتهاء المرتبط، وقد يخفى الارتباط على أكثر الناس، أو كثير منهم، فندب منهم إلى إكمال السورة؛ ليحترز عن الوقوف دون الارتباط» (٢).

[م-٥٨٣] واختلفوا في كراهة القراءة من أواسط السور أو من أواخرها:

فقيل: لا يكره مطلقًا، اختاره بعض الحنفية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وإحدى الروايتين عن مالك، ونسبه النووي للجمهور (٣).


(١) صحيح البخاري (٧٥٩)، وصحيح مسلم (١٥٤ - ٤٥١).
(٢) شرح النووي على مسلم (٤/ ١٧٤).
(٣) فتح القدير لابن الهمام (١/ ٣٤٣)، المحيط البرهاني (١/ ٣٠٤)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٤٦)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ١١١)، النهر الفائق (١/ ٢٣٧)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (١/ ١٣١).
وقال خليل في التوضيح شرح جامع الأمهات (١/ ٣٢٩): «ذكر المازري والباجي في الاقتصار على بعض السورة قولين لمالك. قال في المختصر: لا يفعل ذلك، وإن فعل أجزأه.
وروى الواقدي عن مالك: لا بأس أن يقرأ بأم القرآن، وآية مثل آية الدَّيْنِ». اه
وانظر: المنتقى للباجي (١/ ١٤٨)، شرح التلقين (١/ ٥٣٩، ٥٤٠).
وقال النووي في شرحه على مسلم (٤/ ١٧٧): «والقراءة ببعض السورة وهذا جائز بلا خلاف ولا كراهة فيه، إن كان القطع لعذر، وإن لم يكن له عذر فلا كراهة فيه أيضًا، ولكنه خلاف الأولى، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وبه قال مالك رحمه الله تعالى في رواية عنه والمشهور عنه كراهته».
والقول بأنه هو المشهور في مذهب مالك إن قصد بالمشهور في الاصطلاح ففيه نظر؛ لأن المحققين في المذهب حكوا الروايتين بلا تشهير لإحداهما، كما سيأتي التنبيه على ذلك.
وانظر: المجموع (٣/ ٣٨٥)، فتح العزيز (٣/ ٣٥٤)، المغني لابن قدامة (١/ ٣٥٥)، الإنصاف (٢/ ٩٩)، المحرر (١/ ٥٤)، الفروع (٢/ ١٨١)، المبدع (١/ ٤٣٢)، الإقناع (١/ ١٢٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>