للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حكاه الماوردي عن مالك، ولم أقف عليه في كتب المالكية (١).

• دليل من قال: يستعيذ بعد القراءة:

الدليل الأول:

استدل بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨].

دلت الآية أن قراءة القرآن شرط، وذكر الاستعاذة جزاء، والجزاء متأخر عن الشرط، فكان ظاهر الآية يقتضي أن تكون الاستعاذة بعد القراءة، كقوله: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٣].

• ويناقش:

بأن قوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ﴾ يحتمل: إذا أردت قراءته، كما في قوله تعالى ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة: ١٢]، وحديث أنس: كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، أي إذا أراد دخوله.

وكقول القائل: إذا قلت فاصدق وإذا أحرمت فاغتسل يعني قبل الإحرام، والمعنى في جميع ذلك إذا أردت ذلك.

ويحتمل: إذا فرغت من القراءة، كما يفيده الفعل الماضي (قرأت).

ويحتمل المقارنة، كما في قوله إذا أمن الإمام فأمنوا: أي مع تأمينه، كما يبينه حديث: وإذا قال: ولا الضالين فقولوا آمين. والله أعلم.

فإذا كانت الاستعاذة لدفع شر الوسوسة في أثناء القراءة تعين حملها على المعنى الأول: أي إذا أردت القراءة، وهو قول عامة أهل العلم.

قال ابن العربي: «انتهى العي بقوم أن قالوا: إن القارئ إذا فرغ من قراءة القرآن حينئذٍ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم» (٢).

الدليل الثاني:

أن القارئ كان في عبادة، فربما دخله عُجْبٌ أو رِيَاءٌ، وهما من الشيطان، فأمر بالتعوذ منه للسلامة من تسويله.


(١) الحاوي الكبير (٢/ ١٠٢).
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>