النهي عن الإسراع مطلق، والنصوص المطلقة لا يقيدها إلا نص مثلها، أو إجماع.
الدليل الرابع:
قال الحافظ ابن حجر:«عدم الإسراع أيضًا يستلزم كثرة الخطا، وهو معنى مقصود لذاته، وردت فيه أحاديث كحديث جابر عند مسلم، أن بكل خطوة درجة»(١).
• ويناقش:
في قول الحافظ: كثرة الخطا معنى مقصود لذاته فيه نظر، فهل كثرة الخطا مقصودة لذاتها، أم هي وسيلة، ولذلك لا يتقصد المصلي المسجد الأبعد إلا أن يقع اتفاقًا، والله أعلم.
• دليل من قال: يجوز الإسراع بلا هرولة.
الدليل الأول:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، فأمر الله بالسعي إلى الجمعة، ونهى عن السعي إلى الصلاة، فكان السعي الذي أمرنا الله به هو غير السعي الذي نهانا عنه، فيجمع بينهما: أن المنهي عنه، هو السعي الشديد المنافي للوقار والسكينة، والمأمور به هو الإسراع بلا هرولة جمعًا بين الآية والحديث، فكان اسم السعي واقعًا على فعلين: أحدهما مأمور به، والآخر منهي عنه، والله أعلم.
• ونوقش:
بأن السعي يطلق تارة ويراد به الإسراع إلى الشيء كقوله ﷺ فلا تأتوها وأنتم تسعون، وكالسعي بين العلمين إذا طاف بين الصفا والمروة.
وتارة يطلق السعي، ويراد به مطلق العمل سواء، أكان بإسراع أم بغيره فمن