يرون أنه أساء، ولكن صلاته جائزة، وأنه يجب عليه أن يرجع، فيتبع الإمام، وذهب إلى أن صلاته تبطل للوعيد الذي جاء في ذلك».
فإذا كان على رأي الجمهور: أن مخالفة الإمام في الأفعال التي جاء النص على وجوب الاقتداء به فيها، والنهي عن مخالفته لا تبطل الصلاة، فكيف تبطل الصلاة بأمور لم يُنَصَّ عليها، وإنما ألحقت قياسًا بالمنصوص؟
فإذا كان الأصل لا يبطل على قول الجمهور، فالفرع على فرض التسليم بصحة القياس لا يبطل صلاة المأموم، والله أعلم.
الدليل الخامس:
إذا دخل الإمام في الصلاة، وهو محدث، لم تصح صلاته بالإجماع، وبصريح السنة، قال ﷺ: لا يقبل الله صلاة بغير طهور.
فالاستخلاف حقيقته: هو بناء ما بقي من الصلاة على ما مضى منها، فكيف يبني المأموم على ما صلى إمامه، وهو على غير طهارة، إذا كان ما سبق من الصلاة باطلًا، فالبناء على الباطل باطل.
وأما إذا سبقه الحدث، وإن اختلف الفقهاء في بناء المحدث على ما قد صلى، وهو طاهر قبل حدثه، وله شروط يختلفون عليها، ليس هذا موضع بحثها، فالإجماع على أن الحدث قبل تمام الصلاة يبطل ما بقي، والراجح أن بطلان ما بقي من الصلاة يعود ذلك بالبطلان على أولها، وإذا بطل أولها لم يصح الاستخلاف؛ لما تقدم، من أن الاستخلاف: هو بناء ما بقي على ما مضى.
• ويناقش:
بأن هذا الكلام صحيح، ولا اعتراض عليه، إلا أنه يتوجه للإمام، فلا يصح البناء منه على ما مضى من صلاته، ولا يتوجه للمأموم؛ لأن صلاته لا ترتبط بصلاة إمامه، فما يبطل صلاة الإمام لا يلزم منه أن يبطل صلاة المأموم، والمأموم قد أذن له شرعًا بالاقتداء بالإمام، وما ترتب على المأذون فغير مضمون، والله أعلم.