لا نسلم أن الحديث يدل على بطلان صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام، فالإجمال في الحديث بوجوب الاقتداء به جاء مفسرًا بالحديث، وما فسره الشارع فلا استدراك عليه، فقال:(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فركعوا).
فعبر بالفاء التي توجب التعقيب، وهذا كاشف عن المراد من الحديث، حيث أوجب أن تكون تكبيرات المأموم وأفعاله، بعد تكبيرات الإمام وأفعاله، فلا يسبقه، ولا يتأخر عنه.
ولهذا قال في رواية:(فلا تختلفوا عليه) يعني في التكبيرات والأفعال، فإذا جلس الإمام وجب على المأموم الجلوس ولو اختل نظم صلاته، كما لو كان مسبوقًا بركعة.
وإذا قام الإمام ناسيًا، وترك التشهد الأول، وجبت متابعته.
وليس المراد الموافقة بالصحة؛ فإن هذه لا يكلف بها المأموم، بل هي أثر ناشئ عن فعل المصلي وحده إمامًا كان أو مأمومًا.
وقد يكون فعل الإمام صحيحًا حقيقة وحكمًا.
وقد يكون صحيحًا حكمًا، كما لو دخل في الصلاة ناسيًا حدثه، فيستصحب الصحة حتى يتذكر حدثه.
و ليس المراد من الحديث الموافقة بالأعمال الباطنة، كالنيات، فاختلاف نية الإمام والمأموم لا يترتب عليه اختلاف في الهيئات الظاهرة، ولا يخل بالائتمام المنصوص عليه (إذا كبر، فكبروا، وإذا ركع، فاركعوا).
ولا يكلف المأموم أن يعرف نية إمامه، وهل هو مقيم أو مسافر، وهل صلاته قضاء، أو أداء، أو إعادة؟ فكل واحد له نيته، ويصلي لنفسه.
ولهذا صحت صلاة المفترض خلف المتنفل، كما كان يصلي معاذ ﵁ فرضه مع النبي ﷺ، ثم ينقلب، فيصلي العشاء بقومه، لهم فرض، وله نفل.
وصحت صلاة القوم خلف الصبي على الصحيح، وصلاته نفل في حقه، كما