فإن قيل: إن ابن عبد البر قد صححه، وحسنه الحافظ كما في الفتح (٢/ ٣١٥). فالجواب: أن هؤلاء من أهل العلم، ومن تقلد كلامهم فقد أحسن، ولكنه ليس بلازم، وهو معارض بكلام الإمام البخاري من جهة، وقد ارتضاه شيخه علي بن المديني، وربما كان كلام ابن عبد البر متوجهًا لموضوع الحديث، وهو إمامة النبي ﷺ لأبي بكر، والتي كانت محل بحث ابن عبد البر، فرأى باجتهاده أن الاحتمال الذي في حديث عائشة أكان النبي ﷺ هو الإمام أم كان أبو بكر يقضي عليه الصريح من رواية ابن عباس بكونه هو الإمام، لكونه لم يختلف عليه، ولم يتوجه ابن عبد البر لمناقشة ما تفرد به شرحبيل من كون الإمام الثاني يبني على ما قرأ الإمام الأول، والله أعلم. وهب أننا سلمنا أن ابن عبد البر كان يقصد التصحيح لكل جمل الحديث، ووافقه ابن حجر، فالنظر ليس تقليدًا لكلام ابن عبد البر ﵀ وإن كان من العلماء المجتهدين، وقد عارضه كلام البخاري وابن المديني والبزار والبوصيري، وليس اجتهاد ابن عبد البر بمانع من النظر في الحديث، ومخالفته إذا ظهر للباحث ما يدل على نكارة المتن وإعلاله بالتفرد، والله أعلم.