للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

أن النبي بنى على قراءة أبي بكر، فدل على أنه الإمام الثاني بدل عن الإمام الأول، وصلاته امتداد لصلاته.

• وأجيب:

كون الإمام يبني على صلاة إمامه السابق لا إشكال؛ لأنه محمول على أن ما يصليه آخر صلاته، وما فاته سوف يقضيه كمسبوق، لكن كونه يبني على قراءة إمامه فذلك يعني أن قراءة الفاتحة أو بعضها سوف تسقط عنه؛ لأن الفاتحة أول القراءة، وكيف تسقط عنه، وهي ركن، ولو كان مأمومًا ثم استخلف كانت قراءة الإمام له قراءة، أما أن يأتي من خارج الصلاة ثم يسقط عنه ركن من الصلاة أداه عنه الإمام السابق في وقت لم يكن هو موجودًا في الصلاة، فهذا لا نظائر له.

وقد ذاكرت فيها مجموعة من الأقران لأستفيد منهم، فذكروا احتمالات لا تشفي الغليل، منها:


= وإذا كان قد تفرد بهذا الإسناد من كون النبي بنى على قراءة أبي بكر، فإن ذلك لم يرد في أي شيء من الروايات إلا في هذا الإسناد، ولا يكفي كون شرحبيل ثقة أن يتفرد بأصل في الباب، إلا على تأويل ظاهر الحديث بتأويلات لا يمكن الجزم بواحد منها، ذكرتها في صلب الكتاب، هذا مبلغ علمي، والله أعلم.
فإن قيل: إن ابن عبد البر قد صححه، وحسنه الحافظ كما في الفتح (٢/ ٣١٥).
فالجواب: أن هؤلاء من أهل العلم، ومن تقلد كلامهم فقد أحسن، ولكنه ليس بلازم، وهو معارض بكلام الإمام البخاري من جهة، وقد ارتضاه شيخه علي بن المديني، وربما كان كلام ابن عبد البر متوجهًا لموضوع الحديث، وهو إمامة النبي لأبي بكر، والتي كانت محل بحث ابن عبد البر، فرأى باجتهاده أن الاحتمال الذي في حديث عائشة أكان النبي هو الإمام أم كان أبو بكر يقضي عليه الصريح من رواية ابن عباس بكونه هو الإمام، لكونه لم يختلف عليه، ولم يتوجه ابن عبد البر لمناقشة ما تفرد به شرحبيل من كون الإمام الثاني يبني على ما قرأ الإمام الأول، والله أعلم.
وهب أننا سلمنا أن ابن عبد البر كان يقصد التصحيح لكل جمل الحديث، ووافقه ابن حجر، فالنظر ليس تقليدًا لكلام ابن عبد البر وإن كان من العلماء المجتهدين، وقد عارضه كلام البخاري وابن المديني والبزار والبوصيري، وليس اجتهاد ابن عبد البر بمانع من النظر في الحديث، ومخالفته إذا ظهر للباحث ما يدل على نكارة المتن وإعلاله بالتفرد، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>