للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أتموها فرادى، فبنوا فرادى على ما بدؤوه جماعة (١).

وأما وجه بطلانها عند بعض الحنابلة:

قالوا: إنما بطلت صلاة الإمام؛ لفساد نية الإمامة بخروج المأموم من الائتمام. ومقتضاه لو كان معه غيره لم تفسد لبقاء نية الإمامة.

ولأنه لو دخل في الصلاة منفردًا، ونوى الإمامة ظانًّا حضور مأموم فلم يحضر بطلت صلاته عند الحنابلة؛ لفساد نية الإمامة، فكذلك هنا.

ولأن ارتباط صلاة الإمام بالمأموم كارتباط صلاة المأموم بالإمام، فما فَسَدَ ثَمَّ فسد ههنا وما صح ثَمَّ صح ههنا.

وهذا القول ضعيف جدًّا؛ فلا وجه لارتباط صلاة الإمام بصلاة المأموم، فلا يلزم الإمام إذا اقتدى به أحد أي حكم من جهة صلاته، فصورة صلاة الإمام والمنفرد سواء، بخلاف العكس، فالإمام لا يبني أفعاله على فعل غيره، بل المأموم هو الذي يبني أفعاله على فعل إمامه، فالمأموم إذا نوى الائتمام تحمل عنه الإمام القراءة على الصحيح، والسهو، ووجب عليه المتابعة، فلا يكبر حتى يكبر الإمام، ولا يركع حتى يركع، فالإمام هو المتبوع وليس العكس.

وإنما تنازع الجمهور مع الشافعية في دعوى ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، وسبق بحث هذه المسألة، والصحيح أنه لا ارتباط بين الصلاتين في الصحة والبطلان، وأن صلاة كل واحد منهما مستقلة عن الأخرى، والله أعلم.

وهذا هو الراجح، والخلاف المشهور إنما هو في عكس هذه المسألة:

لو أن الذي أحدث هو الإمام، فبقي المأموم وحده، فهل تبطل صلاته؟

فالحنفية والحنابلة الذين يقولون: بفساد صلاة المأموم بفساد صلاة إمامه يبطلون صلاته خلافًا للمالكية والشافعية.

فإذا قلنا بالقول الراجح: إنها لا تبطل صلاة المأموم، فيتم وحده، ويبني على ما صلاه مع إمامه.


(١) انظر مواهب الجليل (٢/ ١٣٦)، الخرشي (٢/ ٥٢)، التاج والإكليل (٢/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>