للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مثال ذلك: الزكاة سبب وجوبها بلوغ النصاب، وشرط الوجوب تمام الحول لما يشترط له الحول، فتقديم الزكاة قبل بلوغ النصاب لا يجوز؛ لأنه قدم العبادة قبل سبب وجوبها، فإذا بلغ المال النصاب جاز تقديمها قبل تمام الحول: أي قبل شرط وجوبها.

مثال آخر: لو أن رجلًا أراد أن يقدم كفارة يمين قبل أن يعقدها لم تصح كفارة؛ لأن عقد اليمين هو سبب وجوب الكفارة، ولو أنه عقد اليمين، ثم أخرج الكفارة قبل أن يحنث جاز؛ لأن الحنث هو شرط الوجوب، وتقديم العبادة على شرط وجوبها جائز، وعلى سبب الوجوب لا يجوز، والله أعلم (١).

• الراجح:

إن كان المقصود بالمقارنة ألا يوجد فاصل بين النية وبين المنوي، بحيث ينوي العبد الطاعة، ثم يدخل فيها مباشرة فهذه المقارنة ممكنة، والجزم بوجوب ذلك شديد، ولا دليل صريح في المسألة، وأما القول بالاستحباب فله وجه، فإذا صح الصيام مع وجود فاصل بين النية والعبادة دل على صحة غير الصيام قياسًا عليه، وقصر الحكم على الصيام خاصة أو على الصيام والزكاة لا دليل عليه، فالشارع لما صحح الصيام لم يأت عنه ما يدل على أن هذا الحكم خاص في الصيام، حتى يمتنع القياس، والصحة والفساد حكم وضعي، وإذا لم يفسد الفاصل الصيام والزكاة والكفارة لم يفسد سائرها.

وإن كان المقصود من المقارنة أن تبدأ النية مع ابتداء التكبير ويفرغ منها مع الفراغ من التكبير (٢).

فهذه الصفة لا تجوز؛ لأن التكبير من الصلاة فلا يجوز الإتيان بشيء منه قبل تمام النية الواجبة.


(١) قواعد ابن رجب: القاعدة الرابعة (١/ ٢٤).
(٢) قال النووي في روضة الطالبين (١/ ٢٢٤): «وفي كيفية المقارنة، وجهان:
أحدهما: يجب أن يبتدئ النية بالقلب، مع ابتداء التكبير باللسان، ويفرغ منها، مع فراغه منه، وأصحهما: لا يجب هذا، بل لا يجوز؛ لئلا يخلو أول التكبير عن تمام النية». وانظر: فتح العزيز (٣/ ٢٥٧)، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (ص: ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>