للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا بناء على قول في مذهب الحنفية: أن تكبيرة الإحرام ليست من الصلاة (١).

ولعل هذا القول لا يخرج عن القول السابق، وإنما الخلاف في تحقيق المناط، فتكبيرة الإحرام عند من يراها ركنًا في الصلاة -وهو الصحيح- لا يجوز أن تتأخر النية عن تكبيرة الإحرام، وأما عند من يرى تكبيرة الإحرام ليست من الأركان، ولا من الواجبات لا يمنع من تأخير النية عنها، كما أجاز الحنابلة تأخر نية الوضوء عن أول مسنونات الطهارة، وهو غسل الكفين، وتجب عندهم عند أول واجبات الطهارة.

[م-٣٩٥] هذا في تأخير النية عن المنوي، وأما تقدم النية على المنوي:

فأجاز العلماء تقدم النية على المنوي في الصوم، فجوزوا الصيام بنية من أول الليل، بل صحح بعضهم الصيام بنية، ولو من أول الشهر؛ لأن إيجاب تذكر النية قبل الفجر بيسير فيه حرج ومشقة.

ولأن الصوم قد يأتي على كثير من الناس وهو في حالة النوم، وألحقوا بالصوم الزكاة؛ لصحة دخول النيابة في إخراجها.

واختلفوا في جواز تقدم النية على العمل في غيرهما قياسًا عليهما:

فالعلماء متفقون على أن النية إذا عقدت قبل العمل بيسير، ثم استصحب ذكرها إلى أن تلبس بالعبادة، فإن هذه النية تجزئ بلا خلاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا كان مستحضرًا للنية إلى حين الصلاة أجزأ ذلك باتفاق العلماء» (٢).

[م-٣٩٦] واختلفوا فيما إذا قدم النية على العمل وعزبت عن ذهنه إلى حين دخل في العمل، هل يعتد بهذه النية أو لا؟

فقال الحنفية: تستحب مقارنة النية للمنوي، ويجوز تقدم النية على المنوي


(١) البحر الرائق (١/ ٩٩)، وجاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٣٧): نقل عن الكرخي جواز التأخير عن التحريمة، فقيل: إلى الثناء، وقيل: إلى التعوذ، وقيل: إلى الركوع وقيل إلى الرفع، والكل ضعيف، والمعتمد أنه لا بد من القران حقيقةً، أو حكمًا، وفي الجوهرة: ولا معتبر بقول الكرخي».
(٢) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>