للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أي: موكولة إليها، ومن وكل عمله إلى ما لا يصلح للجزاء عليه فقد خاب سعيه.

ونية المعمول له غير نية العمل نفسه عند إرادة العمل.

ومن الأعمال ما لا يفتقر إلى نية كالمباحات، وترك المحظورات، كإزالة النجاسة، ورد الغصوب؛ لأن القصد وصول الحق إلى مستحقه.

وكذا المحرمات لا تفتقر إلى نية في الخروج عن العهدة، فإن قصد من الترك الثواب، فلا بد من قصد الامتثال؛ لأنه لا ثواب إلا بنية (١).

كما أن النية نفسها، وإن كانت عبادة، فلا تحتاج إلى نية، وإلا تسلسل الأمر.

وإذا كانت النية مشروعة في العبادة للتمييز، فإن التمييز على قسمين:

تمييز العبادات عن العادات.

وتمييز العبادات بعضها عن بعض: كأن تكون هذه فريضة، وتلك نافلة.

فالصيام مثلًا قد يكون حمية، وقد يكون قربة، والغسل قد يكون تبردًا ونظافة، وقد يكون عبادة، ولا يميز هذا عن ذاك إلا النية.

قال في مواهب الجليل، في بيان حكمة مشروعيتها: «وحكمة ذلك، والله تعالى أعلم، تمييز العبادات عن العادات، ليتميز ما هو لله تعالى عما ليس له، أو تتميز مراتب العبادات في أنفسها، لتمييز مكافأة العبد على فعله، ويظهر قدر تعظيمه لربه.

فمثال الأولى: الغسل، يكون عبادة، وتبردًا، وحضور المساجد، يكون للصلاة وفرجة، والسجود لله، أو للصنم.

ومثال الثاني: الصلاة؛ لانقسامها إلى فرض ونفل، والفرض إلى فرض على الأعيان، وفرض على الكفاية، وفرض منذور، وفرض غير منذور، ومن هنا يظهر كيفية تعلقها بالفعل، فإنها للتمييز، وتمييز الشيء قد يكون بإضافته إلى سببه كصلاة الكسوف، والاستسقاء، والعيدين، وقد يكون بوقته، كصلاة الظهر، أو بحكمه


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٥)، مواهب الجليل (١/ ٢٣٢)، الذخيرة للقرافي (١/ ٢٤٣)، المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ٢٩٨)،
ونقل السيوطي في الأشباه والنظائر عن بعض الشافعية (ص: ١٢): أن القراءة إذا كانت منذورة تجب لها النية لتمييز الفرض من غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>