التقصير يكون سببًا في الإثم، ولا يستدعي ذلك أن نأمره بصلاة نعلم قبل فعلها أنها لا تجزئ عنه، وأن فعله لها لن يسقط عنه طلب فعلها، فكنا في الحقيقة قد أوجبنا عليه صلاة واحدة مرتين، والله ﷾ لم يوجب على عباده في الوقت الواحد إلا صلاة واحدة. والله أعلم.
• دليل من قال: يصلي أربع مرات إلى أربع جهات:
التوجه إلى القبلة من المقاصد الشرعية في الصلاة، والاجتهاد والتقليد وسيلة لتحصيل هذا المقصد، فإذا تعذر الاجتهاد والتقليد، فلا يمكن الوصول إلى هذا المقصد إلا بالصلاة أربع مرات إلى أربع جهات؛ لنتيقن أن إحداها قد أصابت جهة القبلة.
• وأجيب:
بأن المصلي إذا صلى أربع مرات لا يدري أيها فرضه، هل هي الصلاة الأولى، أم الثانية، أم الثالثة؟ وليس له مثيل في الشرع في إيجاب إعادة عبادة واحدة أربع مرات.
ولأنه يلزم منه الصلاة ثلاث مرات إلى غير القبلة يقينًا، وهو منهي عنه، وترك المنهي عنه مقدم على فعل المأمور، ولذا يصلي بالثوب النجس إذا لزم من غسل النجاسة كشف العورة عند الأجانب، على أن المأمور به هنا ساقط؛ لأن التوجه إلى القبلة إنما يؤمر به عند القدرة عليه، فإذا عجز عن التحري استوت في حقه الجهات الأربع، فيختار واحدة منها، وتصح صلاته، وإن ظهر خطؤه فيها؛ لأنه أتى بما في وسعه، والله أعلم.
• دليل من قال: يؤخر حتى يقدر:
القياس على فاقد الطهورين، وجه القول بالقياس: أن القبلة لما كانت عند عدم الدليل عليها هي جهة التحري، ولم يقع تحريه على شيء، صار فاقدًا لشرط صحة الصلاة، فيؤخرها، كفاقد الطهورين.
• ويجاب:
بأن هذا القياس إنما يصح على قول أبي حنيفة، والفقهاء مختلفون في حكم فاقد الطهورين على أقوال كثيرة.