للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كمذهب المالكية، أو من باب الاحتياط، فلا يلزم من هذا الفعل وجوب الإعادة على المجتهد، إذا اجتهد في السفر، وتحرى القبلة، ثم صلى بناء على اجتهاده، فظهر له أنه أخطأ، والله أعلم.

الدليل الثاني:

المصلي مأمور باستقبال القبلة، والاجتهاد وسيلة لتحصيل هذا المقصد، فإذا لم تفض الوسيلة إلى تحصيل المقصد، وجبت الإعادة؛ لتحصيل المقصد الذي لم يحصل بعد، والاكتفاء بالاجتهاد، ولو لم يحصل المطلوب إقامة للوسيلة مقام الغاية.

وذلك أن شروط الصلاة على قسمين:

مأمورات كالطهارة من الحدث، واستقبال القبلة، ونحوها.

ومنهيات أو محظورات، وبعضهم يطلق عليها التروك، أي التي أُمِرَ المكلَّفُ بتركها، كاجتناب النجاسة، والكلام في الصلاة والحركة الكثيرة فيها.

فالمأمورات يجب تداركها إذا فاتت؛ لأن المقصود منها تحصيلها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها، ومنه استقبال القبلة، فإذا لم يحصل بالاجتهاد صار مطالبًا بفعله، فتعاد الصلاة لتحصيله تداركًا لفواته.

وأما المنهيات، فهذه إذا تلبس بها المصلي ناسيًا، أو جاهلًا، فإن صلاته صحيحة، ولا يؤمر بالإعادة؛ لأن المنهيات الغاية منها التخلي عنها، فإذا لم يتعمد فعلها، بل فعلها إما ناسيًا، أو جاهلًا، فكأنه لم يرتكبها، فصحت العبادة.

والدليل على هذا التفريق بين المأمورات والمحظورات:

أن طهارة الحدث، وطهارة الخبث، كل منهما شرط في صحة الصلاة، والأولى لا تسقط بالنسيان، فلو صلى بلا طهارة ناسيًا لم تصح منه الصلاة بالإجماع، لأنها من باب فعل المأمور، والثانية لو صلى، وثوبه نجس صحت صلاته على الصحيح؛ لأنها من باب ترك المحظور.

(ح-٩٠٥) فقد روى أحمد، قال: ثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري،

<<  <  ج: ص:  >  >>