للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واستثنى المالكية مكة والمدينة؛ لأن القبلة فيهما قطعية، والقدرة على اليقين عند المالكية تمنع من الاجتهاد، فلو اجتهد، فأخطأ أعاد أبدًا.

قال الونشريسي في المعيار المعرب: «ما ذكر من تقليد مساجد الأمصار فجائز لا واجب، وهو التحقيق في المسألة» (١).

وقال الدردير في الشرح الكبير: «(ولا) يقلد المجتهد أيضًا (محرابًا إلا) أن يكون (لمصرٍ) من الأمصار التي يعلم أن محاريبها إنما نصبت باجتهاد العلماء».

فعلق الدسوقي في حاشيته على هذا النص قائلًا: «(قوله: إلا أن يكون لمصر) أي فيجوز له حينئذٍ تقليده وقول عبق: فيجب تقليده فيه نظر؛ لأن ابن القصار، وابن عرفة، والقلشاني إنما قالوا: بجواز تقليده، ولا يفهم من المصنف إلا الجواز؛ لأن قوله (إلا لمصر) استثناء من المنع، وقد صرح في المعيار بالجواز ونفى الوجوب قائلًا: وهو التحقيق. اه» (٢).

وقال الدسوقي: «لو اجتهد وأخطأ فإنما يعيد في الوقت … لأن القبلة على كلا القولين قبلة اجتهاد، والأبدية عندنا إنما هو في الخطأ في قبلة القطع» (٣).

وجاء في جامع الأمهات: «القدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد» (٤).

وعلل خليل هذا: «لكون الاجتهاد معرضًا للخطأ» (٥).

• الراجح:

أن المصلي إذا كان من أهل الاجتهاد في دلائل القبلة، وبنى حكمه على أمارات، ودلائل محسوسة، فاجتهد، وأصاب، فإن صلاته صحيحة؛ لأن المحاريب في البلاد المختلفة قائمة على الاجتهاد، وليس على القطع، وإنما لم يجب عليه


(١) المعيار المعرب (١/ ١١٨).
(٢) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (١/ ٢٢٦).
(٣) حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٤).
(٤) جامع الأمهات (ص: ٩١)، وانظر الشرح الكبير للدردير (١/ ٢٢٣)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (١/ ٢٩٤).
(٥) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>