فَقَدَّمَ المحاريبَ القديمة على أخبار أهل البلدة، وقدم أخبار أهل البلدة على الاجتهاد.
وإذا قدمنا سؤال أهل البلد على الاجتهاد لم يكن هناك فرق بين المحاريب القديمة والجديدة؛ لأن المحاريب هي إخبار عن القبلة ممن بناها من أهل تلك البلدة، فلما كان خبرهم مقدمًا على التحري كانت محاريبهم مقدمة على التحري كذلك، فلا معنى للتخصيص بالمحاريب القديمة إلا أن يقال: لما قدم المحاريب القديمة على سؤال أهل القرية دل هذا على تقديم المحاريب القديمة على المحاريب الحادثة عند التعارض، إن كان قِيل بذلك فقد يكون له وجه.
وإذا كانت المحاريب القديمة لها مرجح من كونها تعاقبت عليها قرون دون أن يطعن فيها أحد، فالمحاريب الجديدة لها مرجح من جهة أخرى وهي كون الوسائل الحديثة لمعرفة القبلة صارت أدق عن طريق استخدام الأقمار الصناعية، وخرائط قوقل، ووجدت أجهزة ذكية متخصصة في تحديد القبلة، حتى صار بإمكان آحاد الناس الوصول إلى معرفة القبلة في أي مكان وفي أي وقت، وهامش الخطأ محدود جدًّا، والله أعلم.