للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ليهتدي بها إلى القبلة، وهذا يعني أن الأعمى يتأتى منه الاجتهاد (١).

قال الخرشي: «المجتهد لا يقلد غيره وإن كان أعمى، ولكن يسأل المكلفَ العارفَ العدلَ الرواية عن الأدلة، كسؤاله عن القطب في أي جهة، أو عن الكوكب الفلاني» (٢).

وإذا كان لا يقدر بنفسه، فهل مثل هذا يكون قادرًا على الاجتهاد؟

ولا شك أنه على فرض أن يكون بعض العميان قد يتأتى منه الاجتهاد كما لو العمى طارئًا عليه، إلا أن مشقة الاجتهاد عليه أكثر من مشقة المبصر.

وإذا شق عليه الاجتهاد سقط عنه، كما قال الجمهور: إذا شق على المكلف معاينة الكعبة، كما لو كان ذلك يحتاج إلى صعود جبل سقط عنه وجوب المعاينة.

وكما قال الحنفية بسقوط السؤال عن القبلة إذا كان يتطلب قرع الأبواب، فكذلك الأعمى قد يسقط تكليفه بالاجتهاد، ولو تأتى منه، إذا كان لا يحصل ذلك منه إلا بمشقة.

فإن كان يحصل منه الاجتهاد بلا مشقة، فهل يجتهد؟

هذا يتوقف على الخلاف في مسألة تقليد المجتهد لغيره، وفيه أقوال، ثالثها: إن ضاق الوقت، والراجح أن التقليد في القبلة جائز، ولو من المجتهد، والله أعلم.

* * *


(١) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٦)، التاج والإكليل (٢/ ١٩٨)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٩)، منح الجليل (١/ ٢٣٦)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٠)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ٩٥)، التوضيح لخليل (١/ ٣٢١).
(٢) شرح الخرشي (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>