أن ابن عمر كان عمره حين حولت القبلة أربع عشرة سنة، ومن بلغ مثل ذلك فالغالب عليه البلوغ؛ لأن بلاد الحجاز أرض حارة يسارع البلوغ لفتيانها بخلاف الباردة فقد يتأخر.
الجواب الثالث:
أن أهل الحديث قد ذكروا أن الرجل الذي بلَّغ تحويل القبلة اسمه عباد بن بشر، وقيل: عباد بن نهيك، وذلك أن لدينا ثلاثة أحاديث:
حديث البراء، وحديث ابن عمر، وهما في الصحيحين، وفي الأول: أن ذلك حدث مع قوم من الأنصار في صلاة العصر.
والثاني: حدث مع أهل قباء في صلاة الصبح، وكلا الحديثين لم يُسَمِّ الرجل المبلِّغَ.
والحديث الثالث: حديث أنس، وهو في مسلم، وفيه .... فمر رجل من بني سلمة، وهم ركوع في صلاة الفجر … و الأحاديث الثلاثة لم تصرح باسم الرجل الذي بلغهم بالقبلة الجديدة.
قال الحافظ ابن حجر: «والجواب أن لا منافاة بينها؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهم بنو حارثة، وذلك في حديث البراء ﵁، والآتي إليهم بذلك عَبَّاد بن بشر أو ابن نهيك.
ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف أهل قباء وذلك في حديث ابن عمر ﵄ ولم يسمَّ الآتي إليهم بذلك، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عَبَّاد بن بشر، ففيه نظر؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظًا، فيحتمل أن يكون عَبَّاد أتى بني حارثة أوَّلًا في وقت العصر، ثم توجه إلى أهل قباء، فأعلمهم بذلك في وقت الصبح.
ومما يدلُّ على تعددهما أن مسلمًا روى من حديث أنس: أن رجلًا من بني سلمة مَرَّ، وهم ركوع في صلاة الفجر، فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة،
(١) صحيح البخاري (٣٩٩)، وصحيح مسلم (٥٢٥)، وفي البخاري أن رجلًا صلى مع النبي ﷺ ثم خرج بعد ما صلى، فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس ....