للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأما جميع النجوم فلا يهتدي بها إلا العارف بمطالعها، ومغاربها، والمفرق بين الجنوبي والشمالي منها؛ وذلك قليل في الآخِرِين.

وأما الثريا: فلا يهتدي بها إلا من يهتدي بجميع النجوم.

وإنما الهدى لكل أحد بالجدي والفرقدين؛ لأنهما من النجوم المنحصرة المطلع، الظاهرة السمت، الثابتة في المكان، فإنها تدور على القطب الثابت دورانًا محصلًا، فهي أبدًا هدى الخلق في البر إذا عميت الطرق، وفي البحر عند مجرى السفن، وعلى القبلة إذا جهل السمت» (١).

فإذا كانت علامة القبلة في النجوم لعامة المسلمين محصورة في القطب والجدي، فسوف أتعرض لهما بشيء من التفصيل.

فالقطب: نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الجدي والفرقدين، وهو أقرب إلى الجدي (٢).

وحول القطب مجموعة من النجوم على هيئة سمكة، ذيلها الجدي، ورأسها الفرقدان، تدور على القطب كفراشة الرحى، في كل يوم وليلة دورة، نصفها بالليل، ونصفها بالنهار في الزمن المعتدل، فيكون الفرقدان عند طلوع الشمس في مكان الجدي عند غروبها، ويمكن الاستدلال بها في أوقات الليل وساعاته وغيره من الأزمنة لمن عرفها، وعرف كيفية دورانها، والقطب وسط الفراشة لا يبرح مكانه دائمًا.

والقطب خفي لا يراه إلا حاد البصر في الليالي غير المقمرة، ويستدل عليه بالجدي.

وقد نص الفقهاء على اعتبار القطب من أقوى الأدلة لمعرفة جهة الشمال، فإذا عرف الإنسان جهة الشمال حدد باقي الجهات (٣).

وأطلق ابن الأثير الجدي على القطب في شرحه لمسند الشافعي، وتبعه ابن الملقن (٤).


(١) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٢٨).
(٢) البحر الرائق (١/ ٣٠١)، الذخيرة للقرافي (٢/ ١٢٥)، روضة الطالبين (١/ ٢٧١).
(٣) ممن نص على أن القطب أقوى الأدلة ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٣٠١)، والهيتمي في تحفة المحتاج (١/ ٥٠٠)، والبغوي في التهذيب (٢/ ٦٦)، وتعبير الحنابلة: أثبتها القطب. انظر الإنصاف (٢/ ١٢)، الإقناع (١/ ١٠٣).
(٤) الشافي في شرح مسند الشافعي (٢/ ٣٦٤)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٨/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>